من رعاياه فقد عزل نفسه بفعله ورمت به المرتبة وبقي عليه السؤال من الله والوبال والخيبة وفقد الرياسة والسيادة وحرمه الله خيرها وندم حيث لم ينفعه الندم فإنه لو لم يسأل عن ذلك وترك وشأنه لكان بعض شئ إلا الحق فإنه لا ينقص عنه من ملكه شئ فإن عبده إذا مات من الحياة الدنيا انتقل إليه في البرزخ فبقي حكم السيادة لله عليه بخلاف الإنسان إذا مات عبده ماتت سيادته التي كان بها سيدا عليه فهذا الفرق بيننا وبين الحق في الربوبية قال ص إن الله يحب الرفق في الأمر كله فالعالم من علم الرفق والرفيق والمرفوق فما من إنسان إلا وهو رفيق مرفوق به فهو مملوك من وجه مالك من وجه ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليتخذ بعضكم بعضا سخريا والله رفيع الدرجات فنحن له كما هو لنا وكما نحن لنا فنحن لنا وله وهو لنا لا له وليس في هذا الباب أشكل من إضافة العلم الإلهي إلى المعلومات ولا القدرة إلى المقدورات ولا الإرادة إلى المرادات لحدوث التعلق أعني تعلق كل صفة بمتعلقها من حيث العالم والقادر والمريد فإن المعلومات والمقدورات والمرادات لا نهاية لها فهو يحيط علما بأنها لا تتناهى ولما كان الأمر على ما أشرنا إليه وعثر على ذلك من عثر عليه من المتكلمين قال بالاسترسال وعبر آخر بحدوث التعلق وقال الله في هذا المقام حتى نعلم وأنكر بعض العلماء من القدماء تعلق العلم الإلهي بالتفصيل لعدم التناهي في ذلك وكونه غير داخل في الوجود فيعلم التفصيل من حيث ما هو تفصيل في أمر ما لا في كذا على التعيين واضطربت العقول فيه لاضطراب أفكارها ورفع الإشكال في هذه المسألة عندنا أهل الكشف والوجود والإلقاء الإلهي أن العلم نسبة بين العالم والمعلومات وما ثم إلا ذات الحق وهي عين وجوده وليس لوجوده مفتتح ولا منتهى فيكون له طرف والمعلومات متعلق وجوده فتعلق ما لا يتناهى وجودا بما لا يتناهى معلوما ومقدورا ومرادا فتفطن فإنه أمر دقيق فإن الحق عين وجوده لا يتصف بالدخول في الوجود فيتناهى فإنه كل ما دخل في الوجود فهو متناه والبارئ هو عين الوجود ما هو داخل في الوجود لأن وجوده عين ماهيته وما سوى الحق فمنه ما دخل في الوجود فتناهى بدخوله في الوجود ومنه ما لم يدخل في الوجود فلا يتصف بالتناهي فتحقق ما نبهتك عليه فإنك ما تجده في غير هذا الموضع وعلى هذا تأخذ المقدورات والمرادات والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الخامس وأربعمائة في معرفة منازلة من جعل قلبه بيتي وأخلاه من غيري أحد ما يدري أحد ما أعطيه فلا تشبهوه بالبيت المعمور فإنه بيت ملائكتي لا بيتي ولهذا لم أسكن فيه خليلي إبراهيم ع) القلب بيتك لا بيتي فاعمره * فلست أذكر شيئا أنت تذكره ذكري لنفسي حجاب إن ذكرك لي * هو السرور الذي بالحسن تغمره إذا ذكرتك كان الذكر منك لنا * فلست تذكر أمرا نحن نذكره إن الخليل بظهر البيت مسكنه * من أجل قلب له ما زلت تعمره فلو يحل به لكنت تابعه * وليس يسكنه فلست تعمره فالحمد لله حمدا لا يفوه به * إلا الذي هو في قلبي يصوره اعلم أيدنا الله وإياك بروح القدس أن رحمة الله وسعت كل شئ ومن رحمته إن خلق الله بها قلب عبده وجعله أوسع من رحمته فإن قلب المؤمن وسع الحق كما ورد أن الله يقول ما وسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن فرحمته مع اتساعها يستحيل أن تتعلق به أو تسعه فإنها وإن كانت منه فلا تعود عليه وما أحال تعالى عليه أن يسعه قلب عبده وذلك أنه الذي يفقه عن الله ويعقل عنه وقد أمره بالعلم به وما أمره إلا بما يمكن أن يقوم به فيكون الحق معلوما معقولا للعبد في قلبه ولا يتصف بأنه تعالى مرحوم فهذا يدلك على إن الرحمة لا تناله من خلقه كما يناله التقوى أعني تقوى القلوب كما قال ولكن يناله التقوى منكم وقال فإنها يعني شعائر الله وهي ضرب من العلم به من تقوى القلوب وقال تعالى أم لهم قلوب يعقلون بها وما جعلها عقلا إلا ليعقل عنه العبد بها ما يخاطبه به ومما خاطبه به إن رحمته وسعت كل شئ وأن قلبه وسعه جل جلاله إلا أن ثم سرا أشير إليه ولا أبسطه وهو أن الله أخبر أنه أحب أن يعرف ومقتضى الحب معروف فخلق
(٦)