المعظم في العرف أن تقول الحمد لله الذي خلق السماوات ومثل ذلك ولا ينبغي أن يعين في الثناء خلق المحقر عرفا والمستقذر طبعا وإن دخل في عموم كل شئ ولكن إذا عين لا يقتضيه الأدب بل ينسب معينه إلى سوء الأدب أو فاد العقيدة مع صحة ذلك ولا أمثل به فإني أستحيي أن يقرأ مع الزمان في كتابي فلذلك لم نمثل به كما مثلت بالعام وبالعظيم والكل منه ونعمته ولولا حقارة ذلك بالعرف لم نقل به فإني ما أرى شيئا ليس عندي بعظيم لأني أنظر بعين اعتناء الله به حيث أبرزه في الوجود فأعطاه الخير فليس عندنا أمر محتقر وهذا شهود القوم فالكل نعمته ظاهرة وباطنة فظاهرة ما شوهد منها وباطنة ما علم ولم يشهد وظاهرة التعظيم عرفا وباطنة التعظيم عند أهل الله وأهل النظر المستقيم مما ليس بعظيم في الظاهر لأن هذا الأمر شبيه بالآيات المعتادة والآيات غير المعتادة فالآيات المعتادة ما هي آيات إلا لقوم يعقلون ولا فرق بينها وبين الآيات غير المعتادة مثل حركات الأفلاك واختلاف الليل والنهار وما يظهر في فصول السنة من الأرزاق والأمور المعادة والمسخرات فلا يتنبه بها إلا كل ذي عقل سليم إنها آيات وأما غير المعتادة فهي آيات للجميع فتنبعث النفوس للثناء على الله بها دون المعتادة فصاحب هجير الحمد المطلق الذي لا يقيده الذاكر بشئ من الصفات وإن اختلفت عليه الأحوال فما هي بواعث لذلك الذكر وإنما هو الباعث الأول الذي به أطلق الذكر فهو تقييد في إطلاق فينتج له جميع ما يعطيه كل تحميد مقيد بنعت ما من النعوت أو اسم أو صفة ما لم يقف صاحب هذا الذكر مع حال من الأحوال لما يحصل له فيه من الحلاوة فيقيده ذلك الاستحلاء وإن أطلقه في اللفظ فلا ينتج له بعد ذلك إلا ما يناسب الحال الذي أعطاه الاستحلاء فإنه ذو صفة فهو بحيث هي وزال عنه بها الحكم الأول قيل لأبي يزيد كيف أصبحت فقال لا صباح لي ولا مساء إنما الصباح والمساء لمن تقيد بالصفة وأنا لا صفة لي فلا يقف صاحب هذا الذكر مع أمر يرد عليه من الحق يقيده فهو مع كل وارد بحسب الوارد من غير تعلق بمعية فمعيته مع الوارد معية الحق مع عباده حيث ما كانوا لعلمه أنهم لا يكونون إلا بحسب أسمائه الحاكمة عليهم والمتصرفة فيهم فهو مع أسمائه لا معهم ولكن ما وقع الإخبار إلا إن الله معهم أينما كانوا كذلك الواردات لا تتعين للعبد إلا بحسب استعداده الذي أعطاه ذكره وذكره من فعله في معيته مع الواردات مع نفسه كما ذكرنا في معية الحق على السواء والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الثامن والستون وأربعمائة في حال قطب كان منزله الحمد لله على كل حال) الحمد لله على كل حال * فهو الذي يعم حال الوجود وما علي حمد الذي قاله * إذا تلفظت به من مزيد وجاء ذا عنه به قائلا * قد جاء ما قد كنت منه تحيد فإنه ناداك من حضرة * من قبل هذا في مقام الشهود بأنه ليس بغير له * فلا يغرنك حبل الوريد فأنت رب وأنا عبده * ويثبت الرب بكون العبيد فلا تقل في كونه إنه * يقول يوم العرض هل من مزيد اعلم أيدك الله وإيانا بروح منه أن رسول الله ص كان يقول في السراء الحمد لله المنعم المفضل وكان يقول في الضراء الحمد لله على كل حال ثبت هذا في الصحاح فعلمنا أنه ذكر أدب إلهي لأنه ما قيده باسم كما قيد حمد السراء بالمنعم المفضل ومن أسمائه الضار كما من أسمائه النافع ولم يتعرض في هذا الحمد إلى ذكر الاسم الضار ولم يكن ذلك عن هوى بل عن وحي إلهي يوحى فإنه الصادق القائل إن الله أدبني فأحسن أدبي فعلمنا إن هذا الذكر من جملة الآداب على هذه الصفة وقد أوحى الله أن نتبع ملة إبراهيم ومن آداب إبراهيم ع مع ربه قوله وإذا مرضت فهو يشفيني فنسب الشفاء إلى ربه ولم ينسب إليه المرض لأنه شر في العرف بين الناس وإن كان في طيه خير في حق المؤمن فأخبر الله نبيه بحديث إبراهيم وقوله هذا تعليما له ص ليتأدب
(٩٧)