لأن أسماءه الحسنى تطالبنا * بما أتينا به في صادق الخبر وما أنا ملك تعنو الوجوه لنا * عند الظهور من الأملاك والبشر يدعى صاحبها عبد المعيد فإنه تعالى يبدئ ويعيد فالبدء والإعادة حكمان له فإنه ما أعاد شيئا بعد ذهابه إلا أنه في إيجاده الأمثال عاد إلى الإيجاد هو تعالى هو معيد لا أنه يعيد عين ما ذهب فإنه لا يكون لأنه أوسع من ذلك فهو المعيد للحال الذي كان يوصف به فما من موجود يوجده الحق إلا وقد فرع من إيجاده ثم ينظر ذلك الموجود إلى الله تعالى قد عاد إلى إيجاد عين أخرى هكذا دائما أبدا فهو المبدئ المعيد المبدئ لكل شئ والمعيد لشانه كالوالي الحكم في أمر ما إذا انتهى عين ذلك الحكم في المحكوم عليه فقد فرع منه بالنظر إليه وعاد هو إلى الحكم في أمر آخر فحكم الإعادة فيه فافهم بخلاف حكم المبدئ فهو يبدئ كل شئ خلقا ثم يعيده أي يرجع الحكم إليه بأنه يخلق وهو قوله وهو الذي يبدئ الخلق ثم يعيده أي يعيد الخلق أي يفعل في العين التي يريد إيجادها ما فعل فيمن أوجدها وليس إلا الإيجاد فإن الخلق يريد به المخلوق في موضع مثل قوله هذا خلق الله ويريد به الفعل في موضع مثل قوله ما أشهدتهم خلق السماوات وهنا يريد به الفعل بلا شك لأنه ليس لمخلوق فعل أصلا فما فيه حقيقة من ذاته يشهد بها فعل الله لأن المخلوق لا فعل له ولا يشهد من الله إلا ما هو عليه في نفسه وقد يرد الخلق ويراد به المخلوق كما قررنا لا الفعل فلهذا جعلنا قوله وهو الذي يبدئ الخلق ثم يعيده أنه يريد به هنا الفعل لا المخلوق فإن عين المخلوق ما زالت من الوجود وأعني به الذات القائمة بنفسها وإنما انتقلت من الدنيا إلى البرزخ كما تنتقل من البرزخ إلى الحشر إلى الجنة أو إلى النار وهي هي من حيث جوهرها لا إنها عدمت ثم وجدت فتكون الإعادة في حقها فهو انتقال من وجود إلى وجود من مقام إلى مقام من دار إلى دار لأن النشأة التي تخلق عليها في الآخرة ما تشبه نشأة الدنيا إلا في اسم النشأ فنشأة الآخرة ابتداء فلو عادت هذه النشأة لعاد حكمها معها لأن حكم كل نشأة لعينها وحكمها لا يعود فلا تعود والجوهر عينه لا غيره موجود من حين خلقه الله لم ينعدم فإن الله يحفظ عليه وجوده بما يخلق فيه مما به بقاؤه فالإعادة إنما هي في كون الحق يعود إلى الإيجاد بالنظر إلى حكم ما فرع من إيجاده من هذا المخلوق ثم أنشأناه خلقا آخر فما ذكر الله أعاده إلا أنه لو شاء لفعل كما قال ثم إذا شاء أنشره لكنه لم يشأ فكلما فرع ابتداء فعاد إلى حكم الابتداء هذا حكم إلهي لا يزول فحكم الإعادة ما خرج حكمها عن الحق فحكمها فيه لا في الخلق الذي هو المخلوق فالعالم بعد وجوده ينتقل في أحوال جديدة يخلقها الله له فلا يزال الحق يخلق ويعود إلى الخلق فيخلق لا إله إلا هو على كل شئ قدير بالإيجاد (المحيي حضرة الأحياء) إنما المحيي الذي يحيي * مثل نشر الثوب من طي فإذا ما قيل لي تحيي * قلت ربي الذي يحيي وهو مولاي ومستندي * ومزيل الرشد بالغي وإذا ما جئت أسألة * زادني ليالي لست في خير وفي دعة * كلما دعيت بالشئ يدعى صاحبها عبد المحيي وهو الذي يعطي الحياة لكل شئ فما ثم إلا حي لأنه ما ثم إلا من يسبح الله بحمده ولا يسبحه إلا حي سواء كان ميتا أو غير ميت فإنه حي لأن الحياة للأشياء فيض من حياة الحق عليها فهي حية في حال ثبوتها ولولا حياتها ما سمعت قوله كن بالكلام الذي يليق بجلاله فكانت وإنما كان محييا لكون حياة الأشياء من فيض اسم الحي كنور الشمس من الشمس المنبسط على الأماكن ولم تغب الأشياء عنه لا في حال ثبوتها ولا في حال وجودها فالحياة لها في الحالتين مستصحبة ولذلك قال إبراهيم ع لا أحب الآفلين فإن الإله لا يكون من الآفلين والحي من أسمائه تعالى وليس الموت من أسمائه فهي يحيي ويميت وليس الموت بإزالة الحياة منه في نفس الأمر وعند أهل الكشف ولكن الموت عزل الوالي وتولية وال لأنه لا يمكن أن يبقى العالم بلا وال يحفظ عليه مصالحه لئلا يفسد فاستناد
(٢٨٩)