ذلك واعدل بين نسائك وفي رعيتك إن كنت راعيا تسعد إن شاء الله (وصية) والذي أوصيك به إن كنت عالما فحرام عليك إن تعمل بخلاف ما أعطاك دليلك ويحرم عليك تقليد غيرك مع تمكنك من حصول الدليل وإن لم تكن لك هذه الدرجة وكنت مقلدا فإياك إن تلتزم مذهبا بعينه بل اعمل كما أمرك الله فإن الله أمرك أن تسأل أهل الذكر إن كنت لا تعلم وأهل الذكر هم العلماء بالكتاب والسنة فإن الذكر القرآن بالنص واطلب رفع الحرج في نازلتك ما استطعت فإن الله يقول ما جعل عليكم في الدين من حرج وقال ص دين الله يسر فاسأل عن الرخصة في المسألة حتى تجدها فإذا وجدتها اعمل بها وإن قال لك المفتي هذا حكم الله أو حكم رسوله في مسألتك فخذ به وإن قال لك هذا رأيي فلا تأخذ به وسل غيره وإن أردت أن تأخذ بالعزائم في نوازلك فافعل ولكن فيما يختص بك ورفع الحرج هو السنة وإذا علمت علما من علوم الشريعة فبلغه من لا يعلمه تكن من حملة العلم لمن لا يعلم وإياك أن تكتم ما أنزل الله من البينات للناس إذا علمت ذلك وعليك بالسماحة في بيعك وابتياعك وإذا اقتضيت فكن سمحاء في اقتضائك واجتنب الوشم أن تعمله أو تأمر به وكذلك التنميص وهو إزالة الشعر من الوجه بالنماص والنماص هو الذي يسمونه العوام الجفت وكذلك التفليج فإن رسول الله يقول لعن الله الواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة والواشرة والمستوشرة وهي التي تفلج أسنانها والواصلة والمستوصلة المغيرات خلق الله والواصلة هي التي تصل شعرها واحذر أن تعير عباد الله بما ابتلاهم الله به في خلقهم وفي خلقهم وما قدر عليهم من المعاصي وسل الله عز وجل العافية ما استطعت وكن على نفسك لا تكن لها إن أردت أن تسعدها عند الله وإياك وما تستحليه النفس إلا أن يكون معها الشرع في ذلك فهو الميزان وإياك أن تذبح ذبيحة لغير الله ولا تأكل مما أهل لغير الله وما لم يذكر اسم الله عليه فإنه فسق بنص القرآن ولا يستميلونك أهل الذمة إلى ما يتبركون به في دينهم فإن ذلك من الأمور المهلكة عند الله ولقد رأيت بدمشق أكثر نسائها يفعلن ذلك ورجالهن يسامحونهن في ذلك وهو إنهم يأخذون الصبيان الصغار ويحملونهم إلى الكنيسة حتى يبرك القس عليه ويرشونهم بماء المعمودية بنية التبرك وهذا قرين الكفر بل هو الكفر عينه وما يرتضيه مسلم ولا الإسلام ويقربون القرابين لذلك واحذر أن تؤوي محدثا أحدث في دين الله أمرا يبعد عن الله ويرده الدين مثل هذا الذي ذكرناه وإياك أن تغير حدود الأرض فإن ذلك غصب وقد لعن رسول الله ص من غير منار الأرض واحذر أن تمثل بحيوان أو تتخذه غرضا أو يتخذه غيرك ولا تنهاه عنه وإياك ونكاح البهائم ولقد كان عندنا رجل صالح قليل العلم قد انقطع في بيته فاشترى حمارة لم تعلم له حاجة إليها فسأله بعض الناس بعد سنين وقال له ما تصنع بهذه الحمارة وما لك حاجة إليها ولا تركبها فقال يا أخي ما اشتريتها إلا عصمة لديني أنكحها حتى لا أزني فقال له إن ذلك حرام فبكى وتاب إلى الله من ذلك وقال والله ما علمت فعليك بالبحث عن دينك حتى تعلم ما يحل لك أن تأتي منه مما لا يحل لك أن تأتيه في تصرفاتك (وصية) إذا سألت المغفرة وهي طلب الستر فاسأل إن يسترك عن الذنب أن يصيبك فتكون معصوما أو محفوظا وإن كنت صاحب ذنب فاسأله إن يسترك أن يصيبك عقوبة الذنب وإياك أن تظهر إلى الناس بأمر يعلم الله منك خلافه فلقد أخبرني الثقة عندي عن الشيخ أبي الربيع الكفيف المالقي كان بمصر يخدمه أبو عبد الله القرشي المبتلى فدخل عليه الشيخ وسمعه يقول في دعائه اللهم يا رب لا تفضح لنا سريرة فصاح فيه الشيخ وقال له الله يفضحك على رؤس الأشهاد يا أبا عبد الله ولأي شئ تظهر لله بأمر وللناس بخلافه أصدق مع الله عز وجل في جميع أحوالك ولا تضمر خلاف ما تظهر فتاب إلى الله من ذلك ورجع وليس للمغفرة متعلق إلا أن يسترك من الذنب أو يسترك من العقوبة عليه بقول الله سبحانه لنبيه ص ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر فما تقدم لا يعاقبك عليه وما تأخر لا يصيبك وهذا إخبار من الله بعصمته ص أخبرني سليمان الدنبلي وكان عبدا صالحا فيما أحسب كثير البكاء وكان له أنس بالله فقعدت معه بمقصورة الدولعي زاوية عائشة بجامع دمشق وجرى بيني وبينه كلام فقال لي
(٤٩١)