فيه نهايتنا قلنا مثل ما لهم * ولهم مثل ما لنا * فانظروا في كلامه * تجدوه مبينا فبه قد أسرنا * وبه الحق أعلنا * فإذا لم تكن عليما * به كنت مؤمنا وإذا ما علمته * لم تزل عالما بنا فلما شرك الله بيننا وبين ملائكته في العجز عن معرفته زدنا عليهم بالصورة ولحقناهم في الظاهر بما يظهر به من الصور في النشأة الآخرة في ظواهرنا كما نظهر بها اليوم في بواطننا فنكون على نشأتهم في الآخرة وليست للملائكة آخرة فإنهم لا يموتون فيبعثون ولكن صعق وإفاقة وهو حال لا يزال عليه الممكن في التجلي الإجمالي دنيا وآخرة والإجمال هناك في الملائكة عين المتشابه عندنا ولهذا يسمعون الوحي كأنه سلسلة على صفوان فعند الإفاقة يقع التفصيل الذي هو نظير المحكم فينا فالأمر فينا وفيهم بين آيات متشابهات وآيات محكمات فعم الابتلاء والفتنة بالإجمال والمتشابه الملأين الملأ الأعلى والملأ الأنزل فمثل هذا العلم فمثل هذا العلم ينتجه هذا الذكر والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب التاسع عشر وخمسمائة في معرفة حال قطب كان منزله استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) إذا دعيت أجب فالله يدعوكا * فإنه ما دعا إلا ويعطيكا أنت الغني فجد مما أتاك به * ما وافق الحق فالرحمن يتلوكا وكل شئ خلاف الحق فارم به * في الاعتبار فإن الفكر ناديكا ولا تقل ليس من ربي فتتركه * إن العليم بوجه الأمر يأتيكا فخذه وأسبره بالمسبار تعلمه * فإنه كل ما في كونه فيكا لا ترمين بشئ أنت تجهله * ولا بكل خطاب لا يؤاتيكا إن الإله له مكر بطائفة * من خلقه فتحقق في معانيكا ولا تقولن هذا ليس يدخل في * ميزان عقل فجاريه يجاريكا اعلم أيدنا الله وإياك بروح القدس أنه ما في القرآن دليل أدل على إن الإنسان الكامل مخلوق على الصورة من هذا الذكر لدخول اللام في قوله وللرسول وفي أمره تعالى لمن آية به من المؤمنين بالإجابة لدعوة الله تعالى ولدعوة الرسول فإن الله ورسوله ما يدعونا إلا لما يحيينا به فلتكن منا الإجابة على كل حال إذا دعانا فإنه ما نكون في حال إلا منه فلا بد أن نجيبه إذا دعانا فإنه الذي يقيمنا في أحوالنا وإنما فصل هنا بين دعوة الله ودعوة الرسول لنتحقق من ذلك صورة الحق التي رسول الله ص عليها وهو الداعي في الحالتين إيانا فإذا دعانا بالقرآن كان مبلغا وترجمانا وكان الدعاء دعاء الله فلتكن إجابتنا لله والإسماع للرسول وإذا دعانا بغير القرآن كان الدعاء دعاء الرسول ص فلتكن إجابتنا للرسول ص ولا فرق بين الدعاءين في إجابتنا وأن تميز كل دعاء عن الآخر بتميز الداعي فإن رسول الله ص يقول في الحديث لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الخبر عني فيقول أتل علي به قرآنا إنه والله لمثل القرآن أو أكثر فقوله أو أكثر مثل ما قال أبو يزيد بطشي أشد فإن كلام الله سواء سمعناه من الله أو من الرسول هو كلام الله فإذا قال الله على لسان عبده ما يبلغه الرسول فإنه لا ينطق عن الهوى فإنه أكثر بلا شك لأنا ما سمعناه إلا من عين الكثرة وهو من الرسول أقرب مناسبة لا سماعنا للتشاكل كما هو من الله أقرب مناسبة لحقائقنا فإن الله أقرب إلينا من الرسول لا بل أقرب إلينا منا فإنه أقرب إلينا من حبل الوريد وغاية قرب الرسول في الظاهر المجاورة بحيث أن لا يكون بيننا مكان يكون فيه شخص ثالث فيتميز في الرسول بالمكان وبما بلغ بالمكانة ونتميز عن الله بالمكانة فإنه أقرب إلينا منا ولا أقرب إلى الشئ من نفسه فهو قرب نؤمن به ولا نعرفه بل ولا نشهده إذ لو شهدناه عرفناه فإذا دعانا الله منا فلنجبه به لا بد من ذلك وإذا دعانا بالرسول منا فلنجبه بالله لا به فنحن في الدعاءين به وله وللرسول ولينظر المدعو فيما دعى به فإن وجد حياة علمية زائدة على ما عنده يحيا بها في نفس الدعاء وجبت الإجابة
(١٦٠)