ما فهو محمود بنسبة أقوى لها الحكم فيه فالحمد لله تملأ الميزان لأنه كل ما في الميزان فهو ثناء على الله وحمد لله فما ملأ الميزان إلا الحمد فالتسبيح حمد وكذلك التهليل والتكبير والتمجيد والتعظيم والتوقير والتعزيز وأمثال ذلك كله حمد فالحمد لله هو العالم الذي لا أعم منه وكل ذكر فهو جزء منه كالأعضاء للإنسان والحمد كالإنسان بجملته فقد بان لك الحمد * فلا يحجبنك الذم * وقد لاح لك السر * فما غيبه الكتم وحكم هذه الحضرة على ثلاثة أنحاء في التمام والكمال وأتمها واحد منها وذلك حمد الحامد نفسه يتطرق إليه الاحتمال فلا يكون له ذلك الكمال فيحتاج إلى قرينة حال وعلم يصدق الحامد فيما حمد به نفسه فإنه قد يصف واصف نفسه بما ليس هو عليه وكذلك حكمه إذا حمده غيره يتطرق أيضا إليه الاحتمال حتى يستكشف عن ذلك فينقص عن درجة الإبانة والتحقيق والحمد الثالث حمد الحمد وما في المحامد أصدق منه فإنه عين قيام الصفة به فلا محمود إلا من حمده الحمد لا من حمد نفسه ولا من حمده غيره فإذا كان عين الصفة عين الموصوف عين الواصف كان الحمد عين الحامد والمحمود وليس إلا الله فهو عين حمده سواء أضيف ذلك الحمد إليه أو إلى غيره فما ثم إلا الله فاحمد نقل حقا * ولا تعتبر في الحمد كونا ولا خلقا وراقب ثناء الحق في كل لفظة * فإن له في كل محمدة مرقى فمن نال هذا العلم نال مكانة * تنزله من ربه المنزل الصدقا وسابق إلى هذا المقام بعزمة * مع السابقات الغر في حمده سبقا ولا بد من تقسيم ربك خلقه * فلا بد من أتقى ولا بد من أشقى وقد جاء في نص الكتاب مسطرا * بليل وأعلى فاعتبر ذلك النطقا فإن كتاب الله ينطق بالذي * قد أودعه الرحمن في خلقه حقا وقد وضح العلم الجلي لذي حجى * فإن شئت أن تردى وإن شئت أن ترقا والحمد لله المنعم المفضل والحمد لله على كل حال فعم وخص والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (المحصي حضرة الإحصاء) إذا أحصيت أمرك في كتاب * تكن أنت الذي تحصى وتحصي وقلت لأمنا مهلا علينا * وقلت لأختنا بالله قصي إذا ما جئت يا نفسي إليه * فقولي ما تشاء له وقصي مضى عني ولم أشهد سواه * فقلت لهمتي بالله قصي وخصي من تعبده هواه * ولا تكتمه ما تدريه خصي يدعى صاحبها عبد المحصي وهي حضرة الإحاطة أو أختها لا بل هي أختها لا عينها قال تعالى وأحاط بما لديهم وأحصى كل شئ عددا وقال في الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها وهذا مقام كاتب صاحب الديوان كاتب الحضرة الإلهية وهذا الكاتب هو الإمام المبين قال تعالى وكل شئ أحصيناه في إمام مبين فالديوان الإلهي الوجودي رأسه العقل الأول وهو القلم وأما الإمام فهو الكتاب وهو اللوح المحفوظ ثم تنزل الكتبة مراتبها في الديوان بأقلامها لكل كاتب قلم وهو قوله ص لما ذكر حديث الإسراء فقال حتى ظهرت لمستوي أسمع فيه صريف الأقلام فالقلم الأعلى الذي بيد رأس الديوان لا محو فيه كل أمر فيه ثابت وهو الذي يرفع إلى الحق والذي بأيدي الكتبة فيه ما يمحو الله وفيه ما يثبت على قدر ما تأتي به إليهم رسل الله من عند الله من رأس الديوان من إثبات ما شاء ومحو ما شاء ثم ينقل إلى الدفتر الأعلى فيقابل باللوح المحفوظ فلا يغادر حرفا فيعلمون عند ذلك أن الله قد أحاط بكل شئ علما إلا أن الفرق بين الإحصاء والإحاطة إن الإحاطة عامة الحكم في الموجود والمعدوم وفي كل معلوم والإحصاء لا يكون إلا في الموجود فما هو شيئية أحاط بكل شئ علما شيئية أحصى كل شئ عددا فشيئية الإحصاء تدخل في شيئية الإحاطة
(٢٨٧)