وتعدى ما حده له رسول الله ص وأما خيانة الأمانات فيتناولها قوله ص لا تعطوا الحكمة غير أهلها فتظلموها ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم والخيانة ظلم فالحكمة أمانة وخيانتها أن تعطيها غير أهلها وأنت تعلم أنه غير أهلها فرفع الله الحرج عمن لا يعلم إلا أنه أمره بأن يتعرض لتحصيل العلم بالأمور فلا عذر له في التخلف عن ذلك فمن خان فيه قبل حصول العلم وهو متعمل في حصول العلم ودعاه الوقت إلى ذلك التصريف الخاص المسمى خيانة فإنه غير مؤاخذ بتلك الخيانة ولا بالتفريط فإنه في حال التعمل لتحصيل العلم والوقت حكم بما وقع به التصرف فمن كان له هذا الذكر فإنه تحصل له به العصمة من الخيانة ويطلعه على العلم بالأهلية في كل أمانة بعناية هذا الذكر والله يقول الحق وهو يهدي السبيل إني خصصت بسر ليس يعلمه * إلا أنا والذي في الشرع نتبعه هو النبي رسول الله خير فتى * بالله نتبعه فيما يشرعه (الباب الثالث وخمسمائة في معرفة حال قطب كان منزله وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة) الله يعلم أني لست أعلمه * وكيف يعلم من بالعلم نجهله إني علمت وجودا لا يقيده * نعت بحق ولا خلق يفصله علمي به حيرتي فيه فليس لنا * دليل حق على علم نحصله فليس إلا الذي جاء الرسول به * في الحالتين وبالإيمان نقبله فإن تفكرت في القرآن تبصره * وقتا ينزههه وقتا يمثله قال الله تعالى ألا لله الدين الخالص هذا الذكر على المشهد والمحتد فإن الله ما خلق الجن والإنس إلا ليعبدوه ما علل بغير هذا خالق العالم وما نعلم أحدا أخذ عبادة الخلق لنفسه أو لغير الله حتى يخلصها منه وقد علمنا صدق قوله في طلبه الإخلاص في العبادة فعلمنا أنه لا بد ثم من نسبة فيها إلى غير الله فلم نجد إلا نحن فنحن أصحاب الدعاوي فيما هو لله لأنه ما من شئ إلا وهو ساجد لله والسجود عبادة إلا نحن ولذلك قال وكثير من الناس ولم يعم كما عم في كل من ذكر من الأنواع ألا تراه تعالى ما أرسل رسولا إلا بلسان قومه فالرسالة لله والأداء للرسول ع بلسان القوم علم القرآن كيف ينزل * في وجودي وعلى من ينزل * إنما ينزله الذكر به * في قلوب كلهن منزل ولكل منهم قسمته * ليس في القرآن شئ يفضل * فلنا منه المقام الأسهل * ثم لله المقام الأجزل هو قول الله واللفظ لنا * وله الحكم العظيم الفيصل ولكن الله قد أبان لنا أن هوية الحق سمع العبد وبصره وجميع قواه والعبد ما هو إلا بقواه فما هو إلا بالحق فظاهره صورة خلقية محدودة وباطنه هوية الحق غير محدودة للصورة فهو من حيث الصورة من جملة من يسبح بحمده وهو من حيث باطنه كما ذكرنا فالحق يسبح نفسه وأعطى المجموع معنى دقيقا غامضا لم يعطه كل واحد على الانفراد به وأضيف إلى الصورة ما أضيف من موافقة ومخالفة وطاعة ومعصية وبه قيل إنه مكلف وبه صحت القسمة في الصلاة بينه وبين الله فيقول العبد كذا فيقول الله كذا ولا يكون عبدا إلا بالمجموع فانظر ما حصل للحق من النعت لما وصف نفسه بأنه قوى العبد فما كان عبدا إلا به كما لم يكن الحق قواه إلا به لأن اسم العبد ما انطلق إلا على المجموع وقد أعلمنا الله من هو المجموع فيقول العبد الحمد لله رب العالمين والحق لسانه والحق سمعه فمن قال الحمد لله ومن سمع قوله الحمد لله فيقول الله أثنى على عبدي ولكن بغير هذا اللسان القائل بل بهوية الحق مجردة عن الإضافة بهذا العبد في حال إضافتها إليه فلم يقل بالمجموع اثني على عبدي وما أثنى عليه إلا بكلامه فإن الحمد لله رب العالمين كلام الله فبالمعنى المعلوم كانت العبارة عنه أثنيت على نفسي بصورة عبدي حكى عبدي عني من حيث صورته الظاهرة ما أثنيت به على نفسي كما ذكر لنا في غير هذا الموضع إن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده وقال لنبيه ص فأجره حتى
(١٤٠)