بالك وقل رب زدني علما وتأدب بآداب الحق الذي هو عليها فإن العبد إذا قال لا حول ولا قوة إلا بالله يصدقه ربه فيقول الرب لا حول ولا قوة إلا بي ولم يتعرض أن يقول لا حول ولا قوة إلا بك يا عبدي فإن هذه الكلمة لا تظهر من قائلها إلا بقائلها ولكن لما علم تعالى أن الإنسان الحيوان شارك الإنسان الكامل بالصورة الإنسانية علم أنه إذا قال الحق لا حول ولا قوة إلا بك طردها الإنسان الحيوان في غير موطنها فأساء الأدب والإنسان الكامل لا يفعل مثل هذا فراعى الحق الحرمة ليتعلم الكامل فهي مسألة تعلم وتعتقد ولا يفوه بها ناطق ولا تجري على لسان عبد مختص إلا في بيان العلم ليعلم الأمر على ما هو عليه فإن الله أخذ العهد على العلماء أن يعلموا من لا يعلم ما علمهم الله ومما علمهم الأدب فلا يضعون الحكمة إلا في أهلها هذا من شأنهم رضي الله عنهم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب السابع والسبعون وأربعمائة في حال قطب كان منزله وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ولمثل هذا فليعمل العاملون) الشخص مستدرج والصدر مشروح * والكنز مستخرج والباب مفتوح أين الأوائل لا كانوا ولا سلفوا * العقل يقبل ما تأتي به الروح لكنهم حجبوا بالفكر فاعتمدوا * عليه والعلم موهوب وممنوح ما فيه مكتسب إن كنت ذا نصف * فليس للعقل تعديل وتجريح العدل والجرح شرع الله جاء به * ميزانه فبدا نقص وترجيح العقل أفقر خلق الله فاعتبروا * فإنه خلف باب الفكر مطروح لولا إلا له ولولا ما حباه * به من القوي لم يقم بالعقل تسريح إن العقول قيود إن وثقت بها * خسرت فافهم فقولي فيه تلويح ميزان شرعك لا تبرح تزين به * فإن رتبته عدل وتصحيح إن التنافس في علم يقوم به * صدر بنور شهود الحق مشروح هذا التنافس لا أبغي به بدلا * له من الذكر قدوس وسبوح لمثل ذا يعمل العمال ليس لهم * في غير ذلك تحسين وتقبيح قال الله تعالى كل حزب بما لديهم فرحون وموجب الفرح المناسبة ولما علمنا إن الإنسان مجموع ما عند الله علمنا أنه ما عند الله أمر إلا وله إليه نسبة فله منه مناسب فالعالم لا يرمي بشئ من الوجود وإنما يبرز إليه ما يناسبه منه ولا يغلب عليه حال من الأحوال بل هو مع كل حال بما يناسبه كما هو الله معنا أينما كنا فإن أكثر الناس لا يعلمون ذلك بل هم بهذا القدر جاهلون وعنه عمون وهذا هو الذي أداهم إلى ذم الدنيا وما فيها والزهد في الآخرة وفي الكونين وفي كل ما سوى الله وانتقدوا على من شغل نفسه بمسمى هذه كلها وجعلهم في ذلك ما حكي عن الأكابر في هذا النوع وحملوا ألفاظهم على غير وجه ما تعطيه الحقيقة ورأوا أن كل ما سوى الله حجاب عن الله فأرادوا هتك هذا الحجاب فلم يقدروا عليه إلا بالزهد فيه وسأبين هذا الفن في هذا الباب بيانا شافيا وكون الحق كل يوم في شأن الخلق وكون الجنة وهي دار القربة ومحل الرؤية هي دار الشهوات وعموم اللذات ولو كانت حجابا لكان الزهد والحجاب فيها وكذلك الدار الدنيا فأقول إن الله خلق أجناس الخلق وأنواعه وما أبرز من أشخاصه لننظر فيه نظرا يوصلنا إلى العلم بخالقه فما خلقه لنزهد فيه فوجب علينا الانكباب عليه والمثابرة والمحبة فيه لأنه طريق النظر الموصل إلى الحق فمن زهد في الدليل فقد زهد في المدلول وخسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين وجهل حكمة الله في العالم وجهل الحق وكان من الخاسرين الذين ما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين فالرجل كل الرجل من ظهر بصورة الحق في عبودة محضة فأعطى كل ذي حق حقه ويبدأ بحق نفسه فإنها أقرب إليه من كل من توجه له عليه حق من المخلوقين وحق الله أحق بالقضاء وحق الله عليه إيصال كل حق إلى من يستحقه ولمثل هذا فليعمل العاملون إذ ولا
(١١٢)