هذا بلال وخباب وأين هما * من العمومة فالأحكام للنسب فالله يجعلنا من ذا على حذر * في غير جهد ولا كد ولا نصب لولا الشريعة عند العارفين بها * ما كنت من يتقي مصارع النوب يا رحمة سبقت يا رحمة شملت * وما هما بمحل الخسر والعطب قال الله تعالى هو الأول والآخر والظاهر والباطن تنبيها أنه الوجود كله فإن هذا تقسيمه فليس إلا هو والنعيم نعيمان نفسي وهو الباطن وحسي وهو الظاهر في النفس الحساسة والعذاب عذابان نفسي وهو الباطن وحسي وهو الظاهر والحال حالان حال سابق وهو الأول وحال لا حق وهو الآخر وما ثم إلا رحمة سابقة وغضب لا حق ثم رحمة شاملة سارية في الكل فهي لاحقة سابقة فيغضب ويرضى فيعذب رحمة لغضبه ليزول الغضب فانظر ما أحكم تعذيبه كيف أدرج الرحمة فيه لا زالة الغضب حتى يزول حكمه فتشمل الرحمة بنفسها من حقت عليه كلمة العذاب فبرحمته عذب من عذب لأنه لولا العذاب لتسرمد يكون الغضب وهو أشد على المغضوب من العذاب الواقع به لمن عقل ما أقول وإذا كان الأمر كما قررناه وهو كما ذكرناه فقد في الإقبال الظاهر سعادة ليسعد به المقبول عليه وقد يكون في الإقبال الظاهر شقاوة ليشقى به المقبول عليه وقد يكون في الإقبال الباطن مثل ما ذكرناه في الإقبال الظاهر والمقبول عليه غيب وشهادة وروح وصورة وحيوان وناطق فلا بد من النفس والحس أن ينفعلا لهذه الإقبالات وأحكام النسب بها يظهر حكم الحاكم في المحكوم عليه وقد ذكر الله أن الهوية العائدة عليه هي عين هذا الذي ذكرناه فلم يقع تصرف منه إلا فيه نبه على ذلك بقاتل نفسه وأن الجنة محرمة عليه فلا حجاب عليه فإنه ظاهر له لا يتمكن أن يستتر عنه هو وجعل ذلك مبادرة له لأنه ذكر أمرين من أول وآخر فقد يبادر الآخر فيكون له حكم الأولية ويكون للأول بالنسبة إلى هذا المبادر حكم الآخرية ولهذا جاءت العبارة التي ذكرها الترجمان عن الله بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة فلا يستره شئ بعد هذا الكشف لأنه يعلم من سبق ومن لحق كما يعلم من خلق وهو اللطيف فلا يظهر الخبير لتحصيله العلم ذوقا الذي كسبه المعلوم فإن المعلوم متقدم بالرتبة على العلم وإن تساوقا في الذهن من كون المعلوم معلوما لا من كونه وجودا أو عدما فإنه المعطي العالم العلم فلا بد في الكون من سعادة وشقاء ولو ببرد الهواء وحره فما زاد فما يلائم المزاج كان سعادة وما لا يلائمه كان شقاء ثم تمشي بهذا الحكم على الغرض والكمال والشريعة وتحكم في ذلك كله حكمك بالملايمة وعدمها فافهم فإني أريد الاختصار والتنبيه والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب السادس والخمسون وأربعمائة في معرفة منازلة من تحرك عند سماع كلامي فقد سمع يريد الوجد الذي يعطي الوجود) لولا سماع كلام الله ما برزت * أعياننا وسعت منه على قدم إلى الوجود ولولا السمع ما رجعت * على مدارجها لحالة العدم فنحن في برزخ والحق يشهدنا * بين الحدوث وبين الحكم بالقدم ليس التكون ممن لا كلام له * إن التكون عن قصد وعن كلم قال الله تعالى إنما قولنا لشئ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون يعني حكم مما توجه عليه أمر كن كان ما كان فيعدم به ويوجد فليس متعلقة إلا الأثر ولهذا سماه في اللسان العربي كلاما مشتقا من الكلم وهو الجرح وهو أثر في المجروح فلما وجد الأثر سمي ما وجد عنه كلاما كان ما كان فافهم والحركة انتقال من حال إلى حال أي من حال يكون عليه السامع إلى حال يعطيه سماعه عند كلام المتكلم وهو فيه بحسب فهمه فهو مجبور على الحركة ولهذا لا تسلم الصوفية حركة الوجد الذي يبقى معه الإحساس بمن في المجلس حتى تسلم له حركته بالله فمهما أحس تعين عليه أن يجلس إلا أن يعرف الحاضرين بأنه متواجد لا صاحب وجد فيسلم له ذلك ولكن لا تحمد هذه الحالة عندهم على كل حال لأنهم يكرهون الحركة في الأصل بنفس المتحرك ويحمدونها بالمحرك فأصل السماع الذي يقول به أهل الطريق شريف
(٧٠)