ولا تنازع وكن بالله معتصما * ولا تحارب فخيل الله في الطلب قال الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه إن الله مع الصابرين والمدار كله على شهود هذه المعية فإنه مع الذين اتقوا والذين هم محسنون فهو مع الصابرين والمتقين والمحسنين فهذا الذكر ينتج شهود المعية التي له مع الصابرين خاصة هذا وما هو إلا صبر على الرسول حتى يخرج إليهم فكيف الصبر على الله لما كان رسول الله ص يذكر الله على كل أحيانه والله جليس من يذكره فلم يزل رسول الله ص جليس الحق دائما فمن جاء إليه ص فإنما يخرج إليه من عند ربه إما مبشرا وإما موصيا ناصحا ولهذا قال لكان خيرا لهم فلو كان خروجه إليهم مما يسوءهم في آخرتهم ما كان خيرا لهم وقد شهد الله بالخيرية فلا بد منها وهي على ما ذكرناه من بشارة بخير أو وصية ونصيحة وإبانة عن أمر مقرب إلى سعادتهم غير ذلك لا يكون ومن صبر نفسه على ما شرع الله له على لسان رسوله ص فإن الله لا بد أن يخرج إليه رسوله ص في مبشرة يراها أو في كشف بما يكون له عند الله من الخير وإنما يخرج الله إليه رسوله ص لأن رسول الله ص لا يتصور على صورته غيره فمن رآه رآه لا شك فيه بخلاف رؤية الحق فإن الحق له التجلي في صور الأشياء كلها فإن الأشياء ما ظهرت إلا به سبحانه وتعالى فالعارف يعلم أن كل شئ يراه ليس إلا الحق وهو معطي السعادة والشقاء والرسول ليس كذلك فيعتمد على رؤية الرسول ولا يغتر برؤية الحق ولهذا الذي أشرنا إليه ادعى من ادعى من البشر والجن الألوهة وقبل منهم وعبدوا من دون الله وما قدر أحد يدعى بأنه محمد بن عبد الله رسول الله ص وأن تنبى فما يقول إنه محمد وإنما يقول إنه رسول الله فيطالب بالدليل على دعواه فتنبه إلى عصمة هذا الاسم العلم أن يتصور عليه أحد من خلق الله في كشف ولا نوم كصورته في اليقظة سواء فمن رآه رآه فما تغير من صورته تغير حسن فذلك راجع إلى حال الرائي أو صورة الشرع في المكان الذي رآه فيه عند ولاة أمور الناس وكذلك لو كان تغير قبح كذلك فاعلم ذلك فيكون تغيره بالحسن والقبح عين إعلامه وخطابه إياه بما هو الأمر عليه في حقه أو في حق ولاة العصر بالموضع الذي يراه فيه ورؤية الحق ليست كذلك لأنه ما ثم شئ خارج عنه فكل شئ فيه حسن لا قبح فيه وما قبح من الأمور إلا بالشرع وفي أصحاب الأغراض بالعرض وفي أصحاب المزاج بالملايمة للطبع وفي أصحاب النظر الفكري من الحكماء بالكمال والنقص وصاحب هذا الهجير كثير الصلاة على محمد ص وعلى هذا الذكر يحبس نفسه ويصبر حتى يخرج إليه ص وما لقيت أحدا على هذا القدم غير رجل كبير حداد بإشبيلية كان يعرف باللهم صل على محمد ما كان يعرف بغير هذا الاسم رأيته ودعا لي وانتفعت به لم يزل مستهترا بالصلاة على محمد ص لا يتفرع لكلام أحد إلا قدر الحاجة إذا جاء أحد يطلبه أن يعمل له شيئا من الحديد فيشارطه على ذلك ولا يزيد وما وقف عليه أحد من رجل ولا صبي ولا امرأة إلا ولا بد أن يصلي على محمد ذلك الواقف إلى أن ينصرف من عنده وهو مشهور بالبلد بذلك وكان من أهل الله فكل ما ينتج لصاحب هذا الذكر فإنه علم حق معصوم فإنه لا يأتيه شئ من ذلك إلا بواسطة الرسول ص هو المتجلي له والمخبر لقي رجل بعض الناس في زمان أبي يزيد البسطامي فقال له هل رأيت أبا يزيد فقال رأيت الله فأغناني عن أبي يزيد فقال له الرجل لو رأيت أبا يزيد مرة كان خيرا لك من أن ترى الله ألف مرة فلما سمع ذلك منه رحل إليه فقعد مع الرجل على طريقه فعبر أبو يزيد وفروته على كتفه فقال له الرجل هذا أبو يزيد فنظر إليه فمات من ساعته فأخبر الرجل أبا يزيد بشأن الرجل فقال أبو يزيد كان يرى الله على قدره فلما أبصرنا تجلى له الحق على قدرنا فلم يطق فمات ولما كان الأمر هكذا علمنا إن رؤيتنا الله في الصورة المحمدية بالرؤية المحمدية هي أتم رؤية تكون فما زلنا نحرض الناس عليها مشافهة وفي كتابنا هذا والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الأحد والأربعون وخمسمائة في معرفة حال قطب كان منزله ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا) نصرة الله لنفس الظالم * نصرة ليس لها من خاذل
(١٨٤)