بينه وبين عبده نصفين والكل له فمن أداها بالقسمة فقد شفع صلاته ومن أداها بقوله إليه يرجع الأمر كله أداها وترا فمؤدي الصلاة شفعا هو الخاشع في صلاته ومن أداها وترا على علم لا يتصف بالخشوع في نفسه وإن ظهر على ظاهره فإن ذلك حكمه حكم ظهور العمل منه والله العامل لا هو قال تعالى والله خلقكم وما تعملون وأما من يرى مكر الله ليس غير مكرهم وهم الذين يخادعون الله وهو خادعهم بعين اعتقادهم أنهم يخادعون الله فما يخادع الله إلا جاهل بالله غاية الجهل أو عارف بالله غاية المعرفة التي لا يمكن أن يكون للمحدث أتم منها فأما الجهل في ذلك فمعلوم وأما المعرفة في ذلك فكما قال عمر رضي الله عنه من خدعنا في الله انخدعنا له وفائدة هذا إنه يعلم من المخادع أنه يخدعه فينخدع له ولا يعلمه أنه انخدع له وهو المتباله الذي يظن فيه أنه أبله وليس بإبله فإذا علم العارف أنه لا واهب ولا قابل إلا الله ومع هذا يستعيذ من مكر الله كما تعوذ رسول الله ص بالله من الله تمشية لمراد الله أي لإرادة الله فإنه ما وضع في العالم حكما إلا ليستعمل في محكوم عليه ولو لم يرد استعماله لكان عبثا ولو لم يوحد من يستعمل فيه ذلك الحكم ومن يعمل به لكان أيضا عبثا فالعامل به على بصيرة أولى من العامل به على غير بصيرة فلا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون وإن الله قد مشى لمن زعم أنه يخدع الله خداعه ومكره هنا فيكون في حق طائفة من مكر الله بهم ويكون في حق طائفة أخرى من عناية الله بهم مثل قوله افعل ما شئت فقد غفرت لك أي سترت نفسي عنك من أجلك فلا نؤاخذك إذا آخذت غيرك بذلك لما سبقت لك عندي من العناية فقدم المغفرة للذنب قبل وقوع الذنب وهو قوله وما تأخر فيأتي الذنب مغفورا أي مستورا أي بحجاب بينه وبين من يقع منه فلا يؤثر فيه حكمه لأجل ذلك الستر وما سمي الله المكر استدراجا إلا لتنقله في المراتب من درج إلى درج ولولا ذلك الانتقال لما اتصف به أهل الله فإنه بانتقاله يعم المقامات والمراتب وهي بين محمود ومذموم ولولا ذلك ما وصف الله نفسه بالمكر والاستدراج ولذلك يتصف به أهل الله فيخادعون وينخدعون ورد خبر أن بعض العباد يوقفه الله في السؤال يوم القيامة فيعترف بين يديه أنه عمل من الخير ما لم يعمل وهو كاذب في ذلك فيتجاهل له ربه حتى يقول ذلك القائل إن الله قد مشى عليه ما كذب به عنده فيأمر به إلى الجنة فتقول الملائكة يا رب إنه كذب فيقول الله قد علمت ذلك ولكني استحييت أن أكذب شيبته فهذا من انخداع الله له فأهل الله أولى بالتجاوز عن عباد الله إذا عاملوهم بمثل هذه المعاملة ونحن ممن تحقق به غاية التحقق وهو من أعظم مكارم الأخلاق الإلهية فمن يقدر على الاغتبان ولا يظهر للغابن أنه اغتبن له فقد تمكن من حكم نفسه غاية التمكن لأن طبع النفس يطلب أن يعرف الخير منها ولا خير مثل الاغتبان فإنه نظير الحلم مع القدرة في نفس الأمر وهو يظهر للجاني أنه عجز عن مؤاخذته وهو ما ترك مؤاخذته إلا حلما لا عجزا وذلك لا يصدر إلا من قوى على حكم طبعه ونفسه والله ذو القوة المتين بحلمه لمن عرف والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب السابع وخمسمائة في معرفة حال قطب كان منزله قوله تعالى ألم يعلم بأن الله يرى) ألم تعلم بأن الله منا * يرانا والوجود لنا شهيد فيلزمنا الحياء فلا يرانا * بحيث نهى ونحن له شهود وذا من أعجب الأشياء عندي * فيأمرنا ويفعل ما يريد يقول لي استقم ويريد مني * مخالفة يؤيدها الوجود فيا قوم اسمعوا ما قلت فيمن * هو المولى ونحن له عبيد يريد الأمر لا المأمور فانظر * إلى حكم يشيب له الوليد قال رسول الله ص استحيوا من الله حق الحياء ما قال الله تعالى ألم يعلم بأن الله يرى وعرف بذلك عباده لاختلاف أهل النظر في ذلك بين الطريقين بين أنه يرانا وبين أنا نراه فالمؤمن على كل حال يعلم أن الله يراه من هذا التعريف فما عرفهم إلا ليلزموا الحياء منه تعالى في تعدى حدوده فمن كان ذكره هذا الذكر فإن الله يتجلى له في
(١٤٥)