حجابية على يد الرحمن فتقع الصدقة في يد الرحمن قبل وقوعها في يد السائل وإن شئت قلت إن يد السائل هي يد المعطي فيشكر الحق عبده على ذلك الإنعام ليزيده منه يقول الله عز وجل جعت فلم تطعمني فطالبه الحال بالتفسير فقال له وكيف تطعم وأنت رب العالمين قال تعالى أما إن فلانا جاع فاستطعمك فلم تطعمه أما أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي وكذا جاء في المرض والسقي أي أنا كنت أقبله لا هو والحديث في صحيح مسلم وعند هذا القول كان الحق صورة حجابية على العبد وعند الأخذ والعطاء كان العبد صورة حجابية على الحق فإذا شهدت فاعلم كيف تشهد ولمن تشهد وبمن تشهد وعلى من تشهد فلتشكر على حد شهودك ولتقبل الزيادة ولتعط أيضا الزيادة على شهود وتحقيق وجود وموجب الشكر الإنعام والنعم وأعظم نعمة تكون النكاح لما فيه من إيجاد أعيان الأمثال فإن في ذلك إيجاد النعم الموجدة للشكر ولذلك حبب الله إليه النساء وقواه على النكاح أعني لرسول الله ص وأثنى على التبعل وذم التبتل فحبب النساء إليه لأنهن محل الانفعال لتكوين أتم الصور وهي الصورة الإنسانية التي لا صورة أكمل منها فما كل محل انفعال له هذا الكمال الخاص فلذلك كان حب النساء مما أمتن الله به على رسوله ص حيث حبهن إليه مع قلة أولاده ص فلم يكن المراد إلا عين النكاح مثل نكاح أهل الجنة لمجرد اللذة لا للانتاج فإن ذلك راجع إلى إبراز ما حوى عليه ص من ذلك وهذا أمر خارج عن مقتضى حب المحل المنفعل فيه التكوين ألا ترى الحق إن فهمت معاني القرآن كيف جعل الأرض فراشا وكيف خلق آدم منها وجعله محل الانفعال ونطق رسوله ص بقوله الولد للفراش يريد المرأة أي لصاحب الفراش كما كان آدم ع حيث جعله خليفة فيمن خلق فيها ليكون أيضا صاحب فراش لأنه على صورة من أوجده فأعطاه قوة الفعل كما أعطاه قوة الانفعال فكان وطاء وغطاء فالحق هو الشاكر المشكور وفي الشكر أسرار يراها ذوو الحجى * يفوز بها عبد الشكور إذا شكر ومن أجل ذا سمي الإله لعبده * على لغة الأعراب الفرج بالشكر لما فيه من الزيادة على الالتذاذ بالنكاح وهي ما يتولد فيه عن النكاح من الولد الروحاني والجسماني دنيا جسما وآخرة روحا وقد ذكرنا ذلك في توالد الأرواح من هذا الكتاب وبينا ذلك أيضا في القصيدة الطويلة الرائية التي أولها اعترضت عقبة * وسط الطريق في السفر وهذا القدر من الإيماء كاف في معرفة هذه الحضرة الإلهية والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (حضرة العلو) تواضع فالإله هو العلي * له التنزيه منا والعلو فقل إن شئت فرد لا يدانى * وقل ما شئته فالأمر تو فليس سوى الذي قد قام عندي * إله ما له إلا السمو وليس سوى الذي قد قام عندي * عبيد ما له إلا الدنو فلا تغلو فديتك يا خليلي * فإن الدين يفسده الغلو يدعى صاحب هذه الحضرة عبد العلي قال الله عز وجل الرحمن على العرش استوى وكان شيخنا العريبي يقف في هذه الآية على العرش ويبتدئ استوى له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى أي ثبت له وكل ما سوى الله عرش له علو قدر ومكانه في قلوب العارفين به من علماء النظر وغيرهم من العلماء فعلوه تعالى بهذا التفسير مطلق وبقي علو المكان الذي أثبته الايمان بالخبر الصدق ودل عليه عند العلماء بالله من طريق الشهود صور التجلي فهو بكل شئ محيط لاستوائه ولما كان أعلى الموجودات وأعظمها من وجب له الوجود لنفسه استقلالا وكان له الغني صفة ذاتية لم يفتقر إلى غيره كان بالاسم العلي أولى وأحق وكان من كان وجوده بغيره مستوي لهذا العلي وليس إلا الله فمن هذه الحضرة ظهر العلو فيمن علا في الأرض كفرعون الذي قال الله تعالى فيه إن فرعون علا في الأرض وجعل العلو
(٢٤٣)