(الشافي حضرة الشفاء) إن الشفاء إزالة الآلام * تعنو له الأرواح والأجسام هذا هو الحق الذي قلنا به * دلت عليه السادة الأعلام والشرع يعضده لذا جئنا به * وكذلك الألباب والأحلام إني عليل ولا شخص يخبرني * عنه تعالى بنا بأنه الشافي إني سعيت وعين الحق تحفظني * ولست أدري بها في عين إتلافي إني وفيت له بعهده زمنا * وما يعرفني بأنه الوافي الحق يثبتني في كل طائفة * حبا ويظهر لي في صورة النافي لكل شخص من القرآن سورته * وسورتي عند ما أتلو لإيلاف يدعى صاحبها عبد الشافي يقول الله عن خليله إبراهيم ع إنه قال وإذا مرضت فهو يشفين فالشافي مزيل الأمراض ومعطي الأغراض فإن الأمراض إنما تظهر أعيانها لعدم ما تطلبه الأغراض فلو زال الغرض لزال الطلب فكان يزول المرض فحضرة الشفاء هي التي تنيل أصحاب الأغراض أغراضهم ولا بد من الغرض فإن حيل بين من قام به الغرض وما تعلق به كان المرض فإن نال ما تعلق به فهو الشفاء له من ذلك المرض والمنيل هو الشافي وكثيرا رأينا ممن يطلب آلاما أي أمورا مؤلمة ليزيل بها آلاما هي عنده أكبر منها وأشد فتهون عليه ما هو دونها وتلك الآلام المطلوبة له هي في حقه شفاء وعافية لإزالة هذه الآلام الشديدة فما طلب هذه الآلام لكونها آلاما فإن الألم غير مطلوب لنفسه وإنما طلبه لإزالة ما هو أشد منه في توهمه ومهما وجد الألم المؤلم ولو كان قرصة برغوث لكان الحكم له في وقت وجوده ويريد المبتلى به إزالته بلا شك فما طلبه إذا طلبه إلا بالتوهم المتعلق بإزالة هذا الأشد فإذا حصل وذهب الأشد كان ذلك الألم المطلوب شديدا في حقه يطلب زواله بعافية أو مزيل لا ألم فيه وورد في الخبر أذهب البأس رب الناس أشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك وما ثم شفاء إلا شفاؤه فإن الكل خلقه ولهذا قال الخليل فهو يشفين فأمرنا الله أن نصلي على محمد ص كما نصلي على إبراهيم لأنه جاء بأمر محتمل أزال هذا الاحتمال إبراهيم ع وقد أمر أن يبين للناس ما نزل إليهم لأن الله ما أنزل ما أنزله إلا هدى أي بيانا ورحمة بما يحصل لهم من العلم من ذلك البيان فقال الخليل فهو يشفين فنص على الشافي وما ذكر شفاء لغيره وقال النبي ص في دعائه لا شفاء إلا شفاؤك فدخل الاحتمال لما جعل الله في الأدوية من الشفاء وإزالة الأمراض فيحتمل أن يريد محمد ص أن كل مزيل لمرض إنما هو شفاء الله الذي أودعه في ذلك المزيل فأثبت الأسباب وردها كلها إلى الله وهذا كان غرض رسول الله ص مع تقرير الأسباب لأن العالم ما يعرفون شفاء الله من غير سبب مع اعتقادهم أن الشافي هو الله ويحتمل لفظ النبي ص إثبات أشفية لكن لا تقوم في الفعل قيام شفاء الله فقال لا شفاء إلا شفاؤك والأول في التأويل أولى بمنصب رسول الله ص فلما دخل الاحتمال كان البيان من هذا الوجه في خبر إبراهيم الخليل ع فقيل لنا قولوا في الصلاة على محمد كما صليت على إبراهيم والصلاة من الله الرحمة والشفاء من الرحمة وقد اقتضى مقام النبي ص أن يبين أن الأشفية التي تكون عند استعمال أسبابها أنها شفاء الله إذ لا يتمكن رفع الأسباب من العالم عادة وقد ورد أن الله ما خلق داء إلا وخلق له دواء فأراد الله أن يعطي محمدا ص ما أعطاه إبراهيم خليله مع ما عنده مما ليس عند غيره هذا أبو بكر رضي الله عنه وهو حسنة من حسنات رسول الله ص يقول الطبيب أمرضني والخليل يقول وإذا مرضت فهو يشفين فانظر ما بين القولين تجد قول أبي بكر أحق وأنظر ما بين الأدبين تجد الخليل ع أكثر أدبا فإن آداب النبوة لا يبلغها أدب كما قال معلم موسى ع فأردت أن أعيبها وأراد ربك أن يبلغا أشدهما فهذا لسان إبراهيم عليه الصلاة والسلام وكل وقت له حال ينطقه * وكل حال له معنى يحققه
(٢٧٥)