الكرامة فكان ما يرى أحد وجهه الأعمى فيمسح الرائي إليه وجهه بثوب مما هو عليه فيرد الله عليه بصره وممن رآه فعمي شيخنا أبو مدين رحمة الله تعالى عليهما حين رحل إليه فمسح عينيه بالثوب الذي على أبي يعزى فرد الله عليه بصره وخرق عوائده بالمغرب مشهورة وكان في زماني وما رأيته لما كنت عليه من الشغل وكان غيره من الأولياء المحمديين ممن هو أكبر منه في العلم والحال والقرب الإلهي لا يعرفهم أبو يعزى ولا غيره فمن جعل الله آيته في قلبه وكان على بينة من ربه في قربه فقد ملأ يديه من الخير كله واختصه واصطنعه لنفسه وكساه الصفة الحجابية غيرة منه عليه فلم تشهد حاله الأبصار في الدنيا وهم الأخفياء والأبرياء فمن تحققهم بالحق وليسوا برسل مشرعين حجبهم الحق لاحتجابه إلى يوم القيامة فيظهرهم الله في الموطن الذي يتجلى الله فيه لأبصار عباده ويظهر بنفسه وعينه للخاص والعام فهناك يعرف قدر المحمدي في القرب الإلهي بمقامه في تلاوته كلام ربه عز وجل وهو سكونه لما يتلوه من كشفه واطلاعه على معانيه فهو في حال تلاوته يستذكر ما عنده فيطلع على نفسه ويسمعه الله نثر كلامه ونظمه بتأييد الروح القدسي لما جاء في النظم المسمى شعرا من نفخ الشيطان إلا مثل هذا النظم وقد صح في الخبر أن حسان بن ثابت لما أراد أن يهجو قريشا ينافح بذلك عن رسول الله ص قال له رسول الله ص قل يا حسان فإن روح القدس يؤيدك ما دمت تنافح عن عرض رسول الله فلم يجعل للشيطان عليه سبيلا وإذا كان هذا لمن ينافح فما ظنك بحال من ينطق عن الله بالله فيكون القائل منه عند قوله ربه عز وجل كما ورد في الصحيح أن الله قال على لسان عبده سمع الله لمن حمده في الصلاة والحاضرون ما سمعوا إلا صوت المصلي وكلامه بهذا المتكلم به ما ينسبه الحق تعالى جلاله إلا إلى نفسه لا إلى المصلي فاعلم أيها الولي الحميم ذلك تسعد إن شاء الله كلامي ليس غيري وهو غيري * كما قلنا رميت وما رميتا فيا نفسي إذا طلبت نفوس * بمشهدك التحاما قول هيتا ولا تبخل فإن البخل شؤم * وتعلو بالعطاء إذا علوتا وكن حقا ولا تظهر بزور * وكن عين القرآن إذا تلوتا لأن الله لم يسمع لعبد * يناديه بما يتلوه صوتا فإن يتلو بحق قال عبدي * وكان خاله المشهود ميتا لأن الحق ليس يراه حي * لذا كتبوا على الأحياء موتا فكل من تلا وسكن لما تلا بصدق بصورة ظاهر وحكمة باطن فذلك تال وصاحب سكينة فإن هو تلا وسكن ظاهرا ولم يسكن باطنا والسكون الباطن فهم المعنى الساري في الوجود من تلك الآية المتلوة لا يقتصر بها على ما تدل عليه في الظاهر خاصة فمن تلا هكذا فليس بصاحب سكينة أصلا ولا هو وارث محمدي وإن كان من أمة محمد ص فإن تلا وسكن باطنا ولم يسكن ظاهرا وتعدى الظاهر المشروع فذلك ليس بوارث ولا محمدي ولا بمؤمن وهو أبعد الناس من الله فإن الروح القدسي أول من يرميه ويرمى به والنبي محمد ص يقول لربه فيه يوم القيامة سحقا سحقا والله عند ذلك لا يسعده ولا يساعده وأعظم حسرة تقوم به إذا عاين يوم القيامة من سكن إليه إذا تلاه ظاهرا وباطنا فيرى ما سكن إليه باطنا قد سعد به هذا الآخر وشقي هو به وما شقي إلا بعدم سكون الظاهر فيفوته خير كثير حين فاته الايمان به فإنه أتى البيت من ظهره لم يأته من بابه جعلنا الله وإياكم ممن تلا فسكن وفي التلوين في تلاوته بحسب الآيات ثبت وتمكن أنه الملي بذلك والقادر عليه والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب التاسع والثلاثون وأربعمائة في معرفة منازلة قاب قوسين الثاني الحاصل بالوراثة النبوية للخواص منا) قاب قوسين لنا من قبلنا * قاب قوسين لمن أسرى به غير أني وارث مستخدم * ولذا نلناه منه فانتبه
(٥١)