أعطى ولست بآخذ * لفناء عينك فانثنى عن مثل هذا واطلبن * أمرا عليه ينبني عين البقاء ولا تكن * بما تسمى تكنني قال الله تعالى لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم اعلم أن البقاء والفناء لا يعقلان في هذا الطريق إلا مضافين الفناء عن كذا والبقاء مع كذا ولا يصح الفناء عن الله أصلا فإنه ما ثم إلا هو فإن الاضطرار يردك إليه ولهذا تسمى تعالى لنا بالصمد لأن الكون يلجأ إليه في جميع أموره وإليه يرجع الأمر كله فلم يبق أن يكون فناؤك إلا عنك ولا تفني عنك حتى تفني عن جميع الأكوان والأعيان أعني فناء أهل الله فإن أتحفك الحق بتحفة منه تعالى فتحفه من جملة أكوانه فهي محدثة فتطلبك التحفة لتقبلها فتجدك فانيا عنها فعادت إلى معطيها فكان ذلك سوء أدب منك في الأصل حيث سألت ما قادك إلى مثل هذا فإن الله يعطي دائما فينبغي للعبد أن يكون قابلا دائما فلا تسأل إن كنت من أهل الله إلا عن أمر إلهي أعني على التعيين وإلا فاسأل الله من فضله من غير تعيين واعلم أن تجليات الحق على نوعين تجل يفنيك عنك وعن أحكامك وتجل يبقيك معك ومع أحكامك ومن أحكامك ملازمة الأدب في الأخذ والعطاء فمثل هذا التجلي فاسأل ما دمت في دار التكليف فإذا انتقلت إلى غير هذا الموطن فكن بحسب ذلك الموطن ولولا التكليف ما وقعت من الله وصية لأحد من عباد الله فما أوصى العليم بالأمور إلا وقد علم أن للوصية أثرا في الأمور وسيرد الكلام في تحقيق الوصايا في آخر باب من أبواب هذا الكتاب إن شاء الله والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الرابع والثلاثون وأربعمائة في معرفة منازلة لا يحجبنك لو شئت فإني لا أشاء بعد فأثبت) أن المشيئة عرش الذات ليس لها * في غيرها نسبة تبدو ولا أثر وهي الوجود فلا عين تغايرها * تفني وتعدم لا تبقي ولا تذر عزت فليس يرى سلطانها ملك * وليس يدركها في الصورة البشر بكون آدم مخصوصا بصورته * لأن فيه جميع الكون مختصر له المقاليد في الأكوان أجمعها * له التنزل والآيات والسور فمن تنزله أن قال ندركه * في صورة هي شمس الحق أو قمر مع التنزه عن تشبيه خالقنا * وقد حوته بما قد قاله الصور قال الله عز وجل ما يبدل القول لدي وإن عارضته المشيئة وما في النسب أعجب منها لاستصحاب لو لها ولو لها أثر ما لها أثر فهو حرف عجيب اعلم أنه ما اختص آدم بالخلافة إلا بالمشيئة ولو شاء جعلها فيمن جعلها من خلقه قلنا لا يصح أن تكون إلا في مسمى الإنسان الكامل ولو جمعها في غير الإنسان من المخلوقات لكان ذلك الجامع عين الإنسان الكامل فهو الخليفة التي خلق عليها فإن قلت فالعالم كله إنسان كبير فكان يكفي قلنا سبيل فإنه لو كان هو عين الخليفة لم يكن ثم على من فلا بد من واحد جامع صور العالم وصورة الحق يكون لهذه الجمعية خليفة في العالم من أجل الاسم الظاهر يعبر عن ذلك الإمام بالإنسان الكبير القدر الجامع الصورتين فبعض العالم أكبر من بعض الإنسان لا بالمجموع فإنه في الإنسان الكامل ما ليس في الواحد الواحد من العالم فما هو بالمشيئة إلا في النوع الإنساني لكون هذا النوع فيه خلفاء ثم عم تأثيره في الجميع فيطلب من الحق أن يمده فيمده وهذا أثر في الصورة الحقية ويطلب أيضا الأمر في العالم فيمضي ثم إنه مؤثر فيه من العالم ومن الحق فاختلط الأمر والتبس على أهل الله فطلب بعض العارفين الخروج من هذا الالتباس فاطلعه الله على صورة الأمر فرأى ما لا يمكن التلفظ به إلا لرسول قد عصم فكن أنت ذلك الطالب حتى ترى ما رأيت فتقول كما قلنا ملكتني ملك كسرى إذ تملك كن * كوني فكنت بكن ملكا ولم أكن لكنني كنت كن والكون مملكة * وكل كون لكم فالكون لم يكن
(٤٥)