ولو يعاتبه فيه منزهه * فإنه يقبل العتب الذي وردا فإنه عالم بما به وردا * وعالم بالذي في عتبة قصدا إن الأمور إذا انسدت مسالكها * فليس يفتحها إلا الذي وجدا لولا الصفات التي في خلقه ظهرت * لما عشقت بها مالا ولا ولدا ولا اتخذت وجود الأهل لي سكنا * ولا الملوك ولا الأسباب لي سندا هذي المطالب قد عزت مطالبها * وليس يعرفها إلا الذي شهدا اعلم أيدنا الله وإياك بروح منه أن الله لما فرق بين ما يستحقه الكون من الصفات وبين ما تستحقه الذات من الصفات أو الجناب الإلهي عظم عند العارفين بذلك نعت الحق فحيثما رأوه مالوا إليه ابتداء لعزته كلما بدا لهم فإذا عوتب العارف في ذلك قبل العتب هنالك خاصة ولم يطرده فمتى تجلى له نعت إلهي مثل ذلك أيضا تصدى له وعظمه فإن عوتب كان حاله فيه مثل الحال الأول فإن طرد العتب في كل نعت من نفسه فليس هو ص أحب ذوق وإنما هو صاحب قياس في الطريق فلا يتميز في عبيد الاختصاص أبدا فإنه إذا طرد ذلك عامل نعت الحق بما لا يجب وهنا زلت أقدام طائفة من المتشرعين ولم يكن ينبغي لهم ذلك فإن رسول الله ص قد نبه على ما قلناه وجعلني أن أحتج به على ما قررناه وهو قوله ص إذا آتاكم كريم قوم فأكرموه وقال عز وجل لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم واعلم أن الملك العزيز في قومه ما جاء إليك ولا نزل عليك إلا وقد ترك جبروته خلف ظهره أو كان جبروتك عنده أعظم من جبروته فعلى كل حال قد نزل إليك فأنزله أنت منزلته من نفسه التي يسر بها تكن حكيما وما عاتب الله نبيه في الأعمى والأعبد إلا بحضور الطائفتين فبالمجموع وقع العتب وبه أقول لا مع الانفراد فتعظيم الملوك والرؤساء من تعظيم ربك وتعظيم الفقراء جبر لا غير لانكسارهم في فقرهم فإن كان الفقراء من فقراء الطريق فليس ذلك بجبر عنده فإنه لا يزول عنه فقره وانكساره بتعظيمك وقبولك وإقبالك فإن المشهود له إنما هو ربه وإنما الجبر إنما هو للفقراء من الله فالذاكر بهذا الذكر لا يزال معظما صفة الحق ظهرت على أي محل ظهرت وإن عوتب اقتصر على الشخص دون غيره فتنبه والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (الباب الموفي خمسين وخمسمائة في معرفة حال قطب كان منزله فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا الآية) إذا تجلى لمن تجلى * أصعقه ذلك التجلي * وإن تولى عمن تولى * أهلكه ذلك التولي وإن تدلى بمن تدلى * نوره ذلك التدلي * قلت الذي قد سمعتموه * بالله يا سيدي فقل لي لما رأيت الذي تجلى * أشهدني فيه عين ظلي * من لي إذا لم أكن سواه * وليس عيني قل لي فمن لي الله لا ظاهر سواه * في كل ضد وكل مثل * وكل جنس وكل نوع * وكل وصل وكل فصل وكل حس وكل عقل * وكل جسم وكل شكل اعلم أيدنا الله وإياك أن الأمر في التجلي قد يكون بخلاف ترتيب الحكمة التي عهدت وذلك إنا قد بينا استعداد القوابل وأن هناك ليس منع بل فيض دائم وعطاء غير محظور فلو لم يكن المتجلي له على استعداد أظهر له ذلك الاستعداد هذا المسمى تجليا ما صح أن يكون له هذا التجلي فكان ينبغي له أن لا يقوم به دك ولا صعق هذا قول المعترض علينا قلنا له يا هذا الذي قلناه من الاستعداد نحن على ذلك الحق متجل دائما والقابل لإدراك هذا التجلي لا يكون إلا باستعداد خاص وقد صح له ذلك الاستعداد فوقع التجلي في حقه فلا يخلو أن يكون له أيضا استعداد البقاء عند التجلي أو لا يكون له ذلك فإن كان له ذلك فلا بد أن يبقى وإن لم يكن له فكان له استعداد قبول التجلي ولم يكن له استعداد البقاء ولا يصح أن يكون له فإنه لا بد من اندكاك أو صعق أو فناء أو غيبة أو غشية فإنه لا يبقى له مع الشهود غير ما شهد فلا تطمع في غير مطمع وقد قال بعضهم شهود الحق فناء ما فيه لذة لا في الدنيا ولا في الآخرة فليس التفاضل ولا الفضل في التجلي وإنما التفاضل والفضل فيما يعطي الله لهذا المتجلي له من
(١٩١)