أبي مدين صحبه ببجاية فكان يوما بالطواف وهو يشاهد الملائكة تطوف مع الناس فنظر إليهم وإذا هم قد تركوا الطواف وخرجوا من المسجد سراعا فلم يدر ما سبب ذلك حتى بقيت الكعبة ما عندها ملك وإذا بالجمال بالأجراس في أعناقها قد دخلت المسجد بالروايا تسقى الناس فلما خرجوا رجعت الملائكة وقد ثبت أن الجرس مزامير الشيطان والذي أوصيك به أن تحافظ على أن تشتري نفسك من الله بعتق رقبتك من النار بأن تقول لا إله إلا الله سبعين ألف مرة فإن الله يعتق رقبتك بها من النار أو رقبة من تقولها عنه من الناس ورد في ذلك خبر نبوي ولقد أخبرني أبو العباس أحمد بن علي بن ميمون بن أبو التوزري عرف بالقسطلاني بمصر قال في هذا الأمر إن الشيخ أبا الربيع الكفيف المالقي كان على مائدة طعام وكان قد ذكر هذا الذكر وما وهبه لأحد وكان معهم على المائدة شاب صغير من أهل الكشف من الصالحين فعند ما مد يده إلى الطعام بكى فقال له الحاضرون ما شأنك تبكي فقال هذه جهنم أراها وأرى أمي فيها وامتنع من الطعام فأخذ في البكاء قال الشيخ أبو الربيع فقلت في نفسي اللهم إنك تعلم أني قد هللت بهذه السبعين ألفا وقد جعلتها عتق أم هذا الصبي من النار هذا كله في نفسي فقال الصبي الحمد لله أرى أمي قد خرجت من النار وما أدري ما سبب خروجها وجعل الصبي يبتهج سرورا وأكل مع الجماعة قال أبو الربيع فصح عندي هذا الخبر النبوي بكشف هذا الصبي وصح عندي كشف هذا الصبي بالخبر وقد عملت أنا على هذا الحديث ورأيت له بركة في زوجتي لما ماتت وعليك بإصلاح ذات البين وهو الفراق فإن الإصلاح بين الناس من الخبر المعين في الكتاب وإذا كان الله قد رغب بل أمر المسلمين إذا جنح الكفار إلى السلم أن يجنحوا لها فأحرى الصلح بين المتهاجرين من المسلمين وإياك وإفساد ذات البين فإنها الحالقة والبين هنا هو الوصل ومعنى قول النبي ص الحالقة إنها تحلق الحسنات كما يحلق الحلاق الشعر من الرأس قال الله تعالى لقد تقطع بينكم بالرفع يعني الوصل والبين في اللسان من الأضداد كالجون يا ولى أطعم عبدك مما تأكل وألبسه مما تلبس وراع قدره وانظر فيما ثبت فيهم من رسول الله ص بقوله إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس واغتنم صحة البدن والفراع من شغل الدنيا واستعن بهاتين النعمتين اللتين أنعم الله عليك بهما على طاعة الله فإنه ما أصح بدنك ولا فرغك من هموم الدنيا إلا لطاعته والقيام بحدوده وإلا كانت الحجة عليك لله فاحذر إن يكون الله خصمك ولتقل في كل يوم عند كل صباح مائة مرة سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم فإن هذا الذكر لا يبقى عليك ذنبا (وصية) عليك بحفظ جوارحك فإنه من أرسل جوارحه أتعب قلبه وذلك أن الإنسان لا يزال في راحة حتى يرسل جوارحه فربما نظر إلى صورة حسنة تعلق قلبه بها ويكون صاحب تلك الصورة من المنعة بحيث لا يقدر هذا الناظر على الوصول إليها فلا يزال في تعب من حبها يسهر الليل ولا يهنأ له عيش هذا إذا كان حلالا فكيف به إن كان أرسله فيما لا يحل له النظر إليه فلهذا أمرنا بتقييد الجوارح فإن زنا العيون النظر وزنا اللسان النطق بما حرم عليه وزنا الأذن الاستماع إلى ما حجر عليه وزنا اليد البطش وزنا الرجل السعي وكل جارحة تصرفت فيما حرم عليها التصرف فيه فذلك التصرف منها على هذا الوجه الحرام هو زناها فاللسان يقول بعضهم هو الذي أوردني الموارد المهلكة وقال ص وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم قال الله تعالى يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون يعني بها فتقول اليد بطش بي في كذا يعني في غير حق فيما حرم عليه البطش فيه وتقول الرجل كذلك واللسان والبصر وجميع الجوارح كذلك إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا خرج مسلم عن محمد بن أبي عمر عن سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة قال رسول الله ص والذي نفسي بيده لا تضارون في رؤية ربكم فيلقي العبد فيقول أي قل ألم أكرمك وأسودك وأزوجك وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع فيقول بلي يا رب فيقول أفظننت إنك ملاقي فيقول آمنت بك وبكتابك وبرسلك وصليت وصمت وتصدقت ويثني بخير ما استطاع فيقول هاهنا أذن قال ثم يقال له الآن نبعث شاهدا
(٤٧٤)