بالمن والأذى وقال الله يمنون عليك إن أسلموا قل لا تمنوا على إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين وإياك أن تتقدم قوما في الصلاة إماما وهم يكرهون تقدمك عليهم في صلاة وفي غيرها غير إن هنا دقيقة وهي أن تنظر ما يكرهون منك فإن كرهوا منك ما كره الشرع منك فهو ذاك وإن كرهوا منك ما أحبه الشرع منك فلا تبال بكراهتهم فإنهم إذا كرهوا ما أحب الشرع فليسوا بمؤمنين وإذا لم يكونوا مؤمنين فلا مراعاة لهم ولتتقدم شاءوا أم أبوا فمن ذلك الصلاة إذا كنت أقرأ القوم فأنت أحق بالإمامة بهم أو ذا سلطان فإن الله قدمك عليهم ومع هذا فينبغي للناصح نفسه أن لا يتصف بصفة يكره منها تقدمه في أمر ديني وليسع في إزالة تلك الصفة عن نفسه ما استطاع وحافظ على الصلاة لأول ميقاتها ولا تؤخرها حتى يخرج وقتها وإياك أن تتعبد حرا وتسترقه بشبهة ولا ترى أن لك فضلا على أحد فإن الفضل لله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم وتعبد الحر على نوعين إما أن تأخذ من هو حر الأصل فتبيعه وإما أن تعتق عبد أو لا تمكنه من نفسه وتتصرف فيه تصرف السيد لعبده وليس لك ذلك إلا بإذنه أو إجازته فإني رأيت كثيرا من الناس من يعتق المملوك ولا يمكنه من كتاب عتقه ويستعبده مع حريته والسيد إذا أعتق عبده ما له عليه حكم إلا الولاء فإذا أعتقت عبدا فلا تستخدمه إلا كما تستخدم الحر إما برضاه وإما بالإجازة كالحر سواء فإنه حر ثبت عن رسول الله ص الوعيد الشديد فيمن تعبد محرره وفيمن اعتبد حرا وفيمن باع حرا فأكل ثمنه والذي أوصيك به إذا استأجرت أجيرا واستوفيت منه فاعطه حقه ولا تؤخره (وصية) إذا كنت جنبا ولم تغتسل فتوضأ إن كان لك ماء وإلا فتيمم وإذا أردت أن تعاود فتوضأ بينهما وضوءا وإذا أردت أن تنام وأنت جنب فتوضأ وإن لم تكن جنبا فلا تنم إلا على طهارة وإذا أردت أن تأكل أو تشرب وأنت جنب فتوضأ وإياك والتضمخ بالخلوق فإن الله لا يقبل صلاة أحد وعلى جسده شئ من خلوق وثبت أن الملائكة لا تقربه ولا تقرب الجنب إلا أن يتوضأ كما أنه قد ثبت أن الملائكة لا تقرب جيفة الكافر فإياك أن تنزل نفسك بترك الوضوء في الجنابة منزلة جيفة الكافر في بعد الملك منك فإنهم المطهرون بشهادة الله في قوله تعالى إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون يعني بالكتاب المكنون الذي هو صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة كرام بررة وإياك والغدر وهو أن تعطي أحدا عهدا ثم تغدر به فإن رسول الله قبل إسلام المغيرة وما قبل غدرته بصاحبه مع كون صاحبه كافرا فكيف حال من يغدر بمؤمن فإن الله قد أوعد على ذلك الوعد الشديد وليس من مكارم الأخلاق ولا مما أباحته الشريعة وإياك وعقوق الوالدين إن أدركتهما فأشقى الناس من أدرك والديه ودخل النار قال ولا تقل لهما أف ولا تنهر هما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا وقال في الوالدين إذا كانا كافرين وصاحبهما في الدنيا معروفا وقال إن اشكر لي ولوالديك ورجح الأم وقدمها في الإحسان والبر على أبيك ثبت أن رجلا قال لرسول الله ص من أبر قال له أمك ثم قال له من أبر قال أمك ثلاث مرات ثم قال في الرابعة من أبر قال أمك ثم أباك فقدم الأم على الأب في البر وهو الإحسان كما قدم الجار الأقرب على الأبعد ولكل حق وإن لم يكن لك أم وكانت لك خالة فبرها فإنها بمنزلة الأم فإن النبي ص أوصى يبر الخالة يا أخي وما أوصيتك في هذه الوصية بشئ أستنبطه من نفسي فإني لا أحكم على الله بأمر في حق أحد فما أوصيتك في هذه الوصية إلا بما أوصاك به الله تعالى أو رسوله ص إما معينا فاذكره على التعيين وإما مجملا فافصله لك غير ذلك ما أقول به وإياك يا أخي أن تزكي على الله أحدا فإن الله قد نهاك عن ذلك في قوله فلا تزكوا أنفسكم أي أمثالكم هو أعلم بمن اتقى ولكن قل أحسبه كذا أو أظنه كذا كما أمرك به رسول الله ص قال ولا أزكي على الله أحدا فإنه من الأدب مع الله عدم التحكم عليه في خلقه إلا بتعريفه وإعلامه وما هذا من قوله قد أفلح من زكاها فإن ذلك تحلية النفس وتطهيرها من مذام الأخلاق وإتيان مكارمها واعلم أن الايمان بضع وسبعون شعبة أدناها إماطة الأذى عن الطريق وأعلاها لا إله إلا الله وما بينهما هو على قسمين من الله عمل وترك أي مأمور به ومنهي عنه فالمنهي عنه هو الذي يتعلق به الترك وهو قوله لا تفعل والمأمور به
(٤٧٨)