عليك ويتفكر في نفسه من ذا الذي يشهد علي فيختم علي فيه ويقال لفخذه انطقي فينطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله وذلك ليعذر من نفسه وذلك المنافق وذلك الذي سخط الله عليه وقد ورد في الحديث الثابت في أمر الدنيا أن الساعة لا تقوم حتى تكلم الرجل بما فعل أهله فخذه وعذبة سوطه وقد قيل في التفسير إن الميت الذي أحياه الله في بني إسرائيل في حديث البقرة في قوله اضربوه ببعضها قال ضرب بفخذها وإن الله ما عين ذلك البعض فاتفق إن ضربوه بالفخذ فاحذر يا أخي يوما تشهد فيه عليك الجلود والجوارح وأنصف من نفسك وعامل جوارحك بما تشكرك به عند الله ولقد رأينا ذلك عيانا في الدنيا في زمان الأحوال التي كنا فيها أعني نطق الجوارح إذا أراد العبد أن يصرفها فيما لا يجوز شرعا تقول له الجارحة يا هذا لا تفعل لا تجبرني على فعل ما حجر عليك فعله فإني شهيد عليك يوم القيامة فاجعلني شاهدا لك لا عليك واصحبني بالمعروف وهو في غفلة لا يسمع فإذا وقع منه الفعل تقول الجارحة يا رب قد نهيته كما نهيته فلم يسمع اللهم إني أبرأ إليك مما وصل إليه من مخالفتك بي وعلى كل حال فارسال الجوارح يؤدي إلى تعب القلب فإن الله خلقك لك واصطفى منك لنفسه قلبك وذكر أنه يسعه إذا كان مؤمنا تقيا ذا ورع فإذا شغلته بما تصرفت فيه جوارحك كنت ممن غصب الحق فيما ذكر أنه له منك وأي ظلم أعظم من ظلم الحق فلا تجعل الحق خصمك فإن لله الحجة البالغة كما ذكر عن نفسه وبكل وجه أشهدني الله حجته على خلقه كيف تقوم وذلك في أن العلم يتبع المعلوم إن فهمت فأكثر من هذا التصريح ما يكون (وصية) وعليك بالأذان لكل صلاة أو تقول ما يقول المؤذن إذا أذن وإذا أذنت فارفع صوتك فإن المؤذن يشهد له يوم يوم القيامة مدي صوته من رطب ويابس ولو علم الإنسان ما له في الأذان ما تركه قال ص لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لا توهما ولو حبوا فإن لم يؤذن وسمع الأذان فليقل مثل ما يقول المؤذن سواء وإن قال ذلك عند كل كلمة إذا فرع المؤذن منها قالها هذا السامع بحضور وخشوع ولقد أذنت يوما فكلما ذكرت كلمة من الأذان كشف الله عن بصري فرأيت ما لها مد البصر من الخير فعاينت خيرا عظيما لو رآه الناس العقلاء لذهلوا لكل كلمة وقيل لي هذا الذي رأيت ثواب الأذان وإنما ارتضينا ووصينا أن يقول السامع مثل ما يقول المؤذن عند فراع كل كلمة لما رويناه من حديث الترمذي عن ابن وكيع عن إسماعيل بن محمد بن حجادة يبلغ به النبي ص إن رسول الله ص قال من قال لا إله إلا الله والله أكبر صدقه ربه وقال لا إله إلا أنا وأنا أكبر وإذا قال لا إله إلا الله وحده يقول الله لا إله إلا أنا وأنا وحدي وإذا قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له قال الله لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي وإذا قال لا إله إلا الله له الملك وله الحمد قال الله لا إله إلا أنا لي الملك ولي الحمد وإذا قال لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله قال الله لا إله إلا أنا ولا حول ولا قوة إلا بي قال وكان يقول من قالها في مرضه لم تطعمه النار ويكفي العاقل في الأمر بالأذان أمر النبي ص من سمع المؤذن يؤذن أن يقول مثل قوله فهو أذان فما رغبة فيه إلا وله أجره فإنه معلم لذلك نفسه وذاكر ربه بصورة الأذان فما أمره إلا بما له فيه خير كثير وليؤذن على أكمل الروايات وأكثرها ذكرا فإن الأجر يكثر بكثرة الذكر قال تعالى والذاكرين الله كثيرا والذاكرات وقال اذكروا الله ذكرا كثيرا وقد ورد أن الإنسان إذا كان بأرض فلاة فدخل الوقت وليس معه أحد قام فاذن فإذا أذن صلى خلفه من الملائكة كأمثال الجبال ومن كانت جماعته مثل أولئك يؤمنون على دعائه كيف يشقى وإنما وصينا بمثل هذا لغفلة الناس عن مثله فالعاقل من لا يغفل عن فعل ما له فيه الخير الباقي عند الله عز وجل فإن ذلك من رحمتك بنفسك فإن الله جعل رحمتك بنفسك أعظم من رحمتك بغيرك كما جعل أذاك نفسك أعظم في الوزر من أذاك غيرك قال في قاتل الغير إذا لم يقتل به أمره إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء أخذه وقال في القاتل نفسه حرمت عليه الجنة وقال ص الراحمون يرحمهم الرحمن فمن رحم نفسه يسلك بها سبيل هداها ويحول بينها وبين هواها فرحمه الله رحمة خاصة خارجة
(٤٧٥)