فأما قوله أنقى فلارتفاعه عن القاذورات التي تكون في الطرق والنجاسات وأما قوله أبقى فإن الثوب إذا طال حك في الأرض بالمشي فيسارع إليه التقطيع فيقل عمر الثوب فإنه يخلق بالعجلة إذا طال بما يصيب الأرض منه وأما قوله أتقى فإنه مشروع أعني تقصير الثوب إلى نصف الساق والمتقي من جعل الشرع له وقاية وجنة يتقي به ما يؤذيه من شياطين الإنس والجن وإن الله لا ينظر لمن يجر ثوبه خيلاء وإياك أن تسأل الناس تكثرا وعندك ما يغنيك في حال سؤلك فإن المسألة خدوش أو خموش في وجهك يوم القيامة فإذا اضطررت ولم تقدر على شغل فسل قوتك لا تتعداه إذا لم يرزقك الله يقينا وثقة به وكفارة ذلك السؤال عدم تكثرك واقتصارك في المسألة على بلغة وقتك فإن مسألة المؤمن حرق النار ومعنى ذلك أن المؤمن يجد عند سؤاله مخلوقا مثله في دفع ضرورته مثل حرق النار في قلبه من الحياء في ذلك حيث لم ينزل مسألته ودفع ضرورته بربه الذي بيده ملكوت كل شئ وهو الذي يسخر له هذا السؤال منه حتى يعطيه ومن وجد ذلك تعززا وتكبرا حيث التجأ إلى مخلوق مثله فذلك من شرف همته من حيث لا يشعر وشرف الهمة أحسن من دناءة الهمة فإن العبد يتعزز على عبد مثله كما إن فخره وشرفه في فقره إلى سيده وسؤاله في دفع ضروراته وملماته وقضاء مهماته (وصية) إذا رأيت أنصار يا أو أنصارية وإن كان عدوا لك فلتحبه الحب الشديد واحذر أن تبغضه فتخرج من الايمان فإن النبي ص لقي امرأة من الأنصار في طريقه فقال لها إنكم لمن أحب خلق الله إلي وثبت عن رسول الله ص أنه قال آية الايمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار واعلم أن كل من نصر دين الله في أي زمان كان فهو من الأنصار وهو داخل في حكم هذا الحديث واعلم أن الأنصار لدين الله رجلان الواحد نصر دين الله ابتداء من نفسه من غير إن يعرف وجوب ذلك عليه ورجل عرف نصرة الدين عليه بقوله يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله فأمرهم بنصرة الله فادى واجبا في نصرته فله أجر النصرة وأجر أداء الواجب بما نواه من امتثال أمر الله في ذلك وتعين عليه ولو كفاه غيره مئونة ذلك فلا يتأخر عن أمر الله ونصرة الله قد تكون بما يعطي من العلم المظهر للحق الدافع للباطل فهو جهاد معنوي محسوس فكونه معنويا لأن الباطن يقبله فإن العلم متعلقة النفس وأما كونه محسوسا فما يتعلق بذلك من العبارة عنه باللسان أو الكتابة فيحصل للسامع أو الناظر بطريق السمع من المتكلم أو بطريق النظر من الكتابة وجهاد العدو نصرة محسوسة ما هي معنوية فإنه ما نال العدو من المقاتل له شيئا في الباطن برده عن اعتقاده كما ناله من العالم إذا علمه وأصغى إليه ووفقه الله للقبول وفتح عين فهمه لما يورده عليه العالم في تعليمه وهي أعظم نصرة وهو أعظم أنصاري لله يقول النبي ص لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك مما طلعت عليه الشمس وقد طلعت الشمس على كل عالم عامل بخير فأنت خير منه إذا نصرت بتعليم العلم دين الله في نفس هذا المخاطب وعليك بصدق الحديث وأداء الأمانة وصدق الوعد فاجتنب الكذب والخيانة وخلف الوعد وإذا خاصمت أحدا فلا تفجر عليه فإن علامة المنافق وآيته إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان وإذا خاصم فجر وأعظم الخيانة أن تحدث أخاك بحديث يرى أنك صادق فيه وأنت على غير ذلك وإن الإنسان إذا كذب الكذبة تباعد منه الملك ثلاثين ميلا من نتن ما جاء به وكذلك الشيطان إذ أمر ابن آدم بالمعصية فعصى تبرأ منه الشيطان خوفا من الله تعالى فاعمل على ذوق هذه الروائح المعنوية واستنشاقها فإن له حجبا على أنفك تمنعك من إدراك أنتن ذلك فلا يكن الشيطان مع كفره أدرك للأمور وأخوف من الله منك واعتبر في تبريه من ذلك فإنها خميرة من الله في قلبه إلى زمان ما يظهر حكمها فيه مع كونه مجبولا على الإغواء كما هو مجبول على التبري والخوف من الله أخبر الله عنه أنه يقول للإنسان أكفر فإذا كفر يقول الشيطان إني برئ منك إني أخاف الله رب العالمين فما أخذ الشيطان قط يعلمه لشرف علمه وإنما يؤخذ لصدق الحق فيما قاله فيما شرعه فيمن سن سنة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها فالشيطان يوم القيامة يحمل أثقال غيره فإنه في كل إغواء يتوب عقيبه ثم يشرع في إغواء آخر فيؤخذ بعمل غيره لأنه من وسوسته والإنسان الذي لا يتوب إذا سن سنة سيئة يحمل ثقلها وأثقال من عمل بها فيكون الشيطان أسعد حالا منه بكثير وإياك أن تخلف وعدك ولتخلف
(٤٦٧)