خان الأمانة والخيانة أمانة فأدها إلى أهلها وتجرد عنها إن كان لها أهل وجودي فإن لم يكن لها أهل فما هي أمانة واعلم أن التخلص من هذا الأمر لا يكون إلا حتى بكون مشهودك أنك الحق إذا كان الحق سمعك وبصرك وقواك فما ثم أمانة تؤدي لأنك أنت الكل فما ثم خيانة فما خنت ولا أديت * ومن ذلك الجنف جنف من مال عن حنفه فالفضل شيمته * ومن يميل إلينا نحن قيمته فانظر إليه إذا مال الركاب به * تلقاه حبا على خوف كريمته قال تختلف الأحكام باختلاف الألفاظ التي وقع عليها التواطؤ بين المخاطبين وإن كان المعنى واحدا فالمصرف ليس بواحد فالجور الميل والعدل ميل فالميل إلى الباطل جور والميل إلى الحق عدل وكلاهما ميل وكذلك الدين الحنيفي ميل إلى الحق والحيف ميل إلى عدم الحق فمن حيث إنهما ميل هما سواء وما فرق بينهما إلا الطريق ولذلك ذكر الله نجدين ولما كان كل واحد منهما ميلا ورأى أن الجور ميل إلى الشيطان وكذلك القسط والزيغ والجنف وكل ميل إلى الشيطان وعلم إن الباطل هو العدم وهو يقابل الوجود فما للحق منازع إلا الباطل منعت الغيرة تقرير ذلك فحكمت وقالت في الكل وإليه يرجع الأمر كله فنسب الميل إلى الباطل إليه وأخذه من الباطل فصار حقا ومن ذلك في غروب الشمس موت النفس غروب الشمس موت النفس فانظر * إلى نور قد أدرج في التراب وذاك الروح روح الله فينا * وعند النفخ يأخذ في الإياب إلى الأجل الذي منه تعدى * فيسرع في الإياب وفي الذهاب قال النفس كالشمس شرقت من الروح المضاف إلى الله بالنفخ وغربت في هذه النشأة فأظلم الجو فقيل جاء الليل وأدبر النهار فالنفس موتها كونها في هذه النشأة وحياة هذه النشأة بوجودها فيها ولا بد لهذه الشمس أن تطلع من مغربها فذلك يوم لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا لأن زمان التكليف ذهب وانقضى في حقها فطلوع الشمس من مغربها هو حياة النفس وموت هذه النشأة ولهذا ينقطع عمل الإنسان بالموت لأن الخطاب ما وقع إلا على الجملة ففي موتها حياتها وفي حياتها موتها فتداخل أمرها لأنها على صورة موجدها أين الكبير من المتكبر وأين العلي من المتعالي وهو هو فإن حكمت عليه المواطن فهو محكوم عليه وفيه ما فيه ومن ذلك زينة الدنيا رؤيا إنما الناس نيام في الدنا * فإذا ماتوا يقومون هنا والذي تشهده أعيننا * هو رؤيا ظهرت في نومنا قال الإنسان في الدنيا في رؤيا ولذلك أمر بالاعتبار فإن الرؤيا قد تعبر في المنام والناس نيام وإذا ماتوا انتبهوا فإذا كان بلسان الصادق الحس خيالا والمحسوس متخيلا فبما ذا تقطع الثقة وأنت القائل والقاطع العاقل العالم بأنك في حال اليقظة صاحب حس ومحسوس وإذا نمت صاحب خيال وتخيل والذي أخذت عنه طريق سعادتك جعلك نائما في الحال الذي تعتقد إنك فيه صاحب يقظة وانتباه وإذا كنت في رؤيا في يقظتك في الدنيا فكل ما أنت فيه هو أمر متخيل مطلوب لغيره ما هو في نفسه على ما تراه فاليقظة والحس الصحيح الذي لا خيال فيه في النشأة الآخرة ولا تقل إذا تحققت هذا إن خوارق العادات خيالات في أعين الناظرين اعلم أن الأمر في نفسه كما تراه العين فإنه لا باطن لما تشهده العين بل هو هو فافهم وعلى الله قصد السبيل * ومن ذلك ليس على الأعرج من حرج إذا شئت تعرف أسرار من * بقي والذي قبله قد درج عليك بما جاء في وحيه * فليس على أعرج من حرج وليس المراد سوى آفة * تقوم به ما يريد العرج قال المؤوف لا حرج عليه والعالم كله مؤوف فلا حرج عليه لمن فتح الله عين بصيرته ولهذا قلنا مال العالم إلى الرحمة وإن سكنوا النار وكانوا من أهلها ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على
(٤٣٤)