من يفر إليه لسكنوا وما فروا فإذا أردت أن تعرف في فرارك هل أنت موسوي أو محمدي فانظر في ابتداء الغاية وهو حرف من وفي انتهاء الغاية وهو حرف إلى فالنبي محمد ص يقول ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين وقال في تعوذه وأعوذ بك فهذا أمره ودعاؤه وقال عن موسى معرفا إيانا ففررت منكم لما خفتكم ويقال للمحمدي فلا تخافوهم وخافوني فالحكم عند المحمدي لانتهاء الغاية وعند الموسوي لابتداء الغاية وعلى الحقيقة فالغاية هي متصورة عنده في الابتداء فهي المحركة لأن الأمور إنما هي بغاياتها ولها وجدت قال عز وجل وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون فاعتبر الغاية وإن تأخرت في الوجود مثل طالب الاستظلال بالسقف فحركته الغاية إلى ابتدائها فما وقعت العبادة إلا بعد الخلق فالغاية هي التي أبرزتهم إلى الوجود فهي المبتدأ وإن تأخرت في الوجود فما تأخرت بالأثر فإن الحكم والأثر لها ولذلك قلنا إن الأثر أبدا في الموجود إنما هو للمعدوم والغاية معدومة ولهذا يصح من الطالب طلبها لأن الموجود غير مراد فالغاية المعدومة هي التي أثرت الإيجاد أو هي سبب في أن أوجد الحق ما أوجده مما لم يكن له وجود عيني قبل هذا الأثر السببي ويسمونه بعض العلماء العلة وبعضهم يسميه الحكمة وبعد أن عرف المعنى فلا مشاحة في الإطلاق ومن ذلك الجهر والهمس لفظ النفس الأمر في العقل وفي النفس * مقرر في الجهر والهمس فكل ما يشهده ناظري * أدركه بالعقل والحس وأشهد المعنى الذي ساقه * ولست من ذلك في ليس قال إنما سمي الكلام لما له من الأثر في النفس من الكلم الذي هو الجرح في الحس وسمي أيضا باللفظ لأن اللفظ الرمي فرمت النفس ما كان عندها مغيبا بالعبارة إلى إسماع السامعين من غير إن يتعلق به من المتكلم بذلك غيرة فإن غار عليه لم يجهر به وهمسه فلا يسمعه إلا من قصده بالأسماع خاصة وإنما وقف الغيرة على الشئ لما علم من بعض السامعين أو من كان عدم احترام ما وقعت من أجله الغيرة فلو عم الاحترام من كل شخص في كل موجود لكان الأمر جهرا كله وأيضا رحمة بالخلق لأنهم إذا أخفي عنهم لم يلزمهم احترام ما لم يسمعوا فلم يعاقبوا ومن ذلك الوجود في السجود إذا وافت حقائقنا اتحدنا * وفزنا بالعناية بالوجود وحزنا كل مكرمة تبدت * إلينا منه في حال السجود قال إنما تطلب الوجوه بالسجود رؤية ربها لأن الوجوه مكان الأعين والأعين محل الأبصار فطلبه في سجوده ليراه من حيث حقيقته فإن التحت للعبد لأنه السفل فربما تخيل العبد تنزيه الحق عن التحت أن يكون له نسبة إليه فشرع له السجود وجعل له فيه القربة ثم نبهه الشرع على ذلك بحديث الهبوط وهو أنا روينا عن رسول الله ص أنه قال لو دليتم بحبل لهبط على الله وهي إشارة بديعة في الاعتصام بحبل الله أنه يوصلنا إلى الله ولهذا قال ابن عطاء لما غاص رجل الجمل في الأرض جل الله فقال الجمل جل الله لأن رجل الجمل سجد بالغوص في الأرض يطلب ربه فإن كل أحد إنما يطلب ربه من حقيقته ومن حيث هو ونسبة التحت والفوق إليه سبحانه على السواء لا تحده الجهات ولا تحصره يقول الله تعالى ولو أنهم أقاموا التوراة وهم أمة موسى والإنجيل وهم أمة عيسى وما أنزل إليهم من ربهم وهم أهل القرآن وجميع كل من أنزلت عليه صحيفة لأكلوا من فوقهم يريد استواءه على العرش والسماء بل كل ما علاه ومن تحت أرجلهم وهو الذي طلبه رجل الجمل بغوصه وبقوله ص لو دليتم بحبل لهبط على الله مع أنه ليس كمثله شئ فالنسب إليه على السواء وما كان عند ابن عطاء خبر بذلك فكان الجمل أستاذ ابن عطا في هذه المسألة فلله الفوق والتحت كما له الأمر من قبل ومن بعد فله نسب مسافات الأمكنة كما إن له نسب مسافات الأزمنة وما ثم أسرع حركة من البصر في الحواس زمان لمح البصر زمان تعلقه بالكواكب الثابتة فما فوقها وبينهما من البعد في المساحة ما لا يقطع في آلاف من السنين المعلومة عندنا بحركة الأرجل ومن ذلك الجزاء يشهد بالعدل وترك الفضل إذا أنت ساويت العدالة بالجور * وفضلت أمر الفضل فينا على العدل
(٤٣١)