خلق في حقك وفي وقتك إذا كان وقتك الحق وإن كان خلقا فما تنظر إليه إلا بعين الخلق والحكم تابع للنظر ولا يحكم النظر إلا بما يعطيه لمنظور من ذاته فمن المحال أن يكون المنظور إليه قائما فيدركه قاعدا أو على لون ما إن كان من المتلونات فيدركه على غير اللون الذي هو عليه ذلك المنظور وهذا سائغ في كل قوة موضع الطعم إذا غلبت عليه المرة الصفراء قال في العسل إذا ذاقه إنه مر والعسل ما باشر موضع الطعم وإنما باشرته المرة الصفراء فصدق في المرارة وكذب في نسبة المرارة إلى العسل فاعلم ذلك ومن ذلك من أجاب أجيب فلم لا يستجيب لما أجبت دعاة الحق كنت لهم * مؤيدا وبهم أيدتهم فإذا أقول إنهم عيني ومعتقدي * كما أقول إذا ما كنت منتبذا الحق يجهل أو يعزى لكل هوى * ولو يرى الحس أن الحق قد نبذا هيهات ليس له حد فتدركه * به فإن له حكما علي بذا حكمت وما في الحكم من عجب * فكل حكم تراه فهو فيه كذا فلا يحيط به علم ومعرفة * ولا يناط به من جانبيه أذى قال لا تعامل إلا بما عاملت فعملك يعود عليك استجب لله ولرسوله إذا دعاك لما يحييك فإنه إذا دعاك فأجبته يجبك إذا دعوته قال عز وجل وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني فليستجيبوا لي فإني دعوتهم على السنة أنبيائي وكما أنه عز وجل يعطي جزاء يطلب من عبده الجزاء لما دعاه الحق إلى التكوين وأجاب فكان فدعاه خالقه إلى ما تقوم به ذاته ويبقى عليه عينه فأجابه الحق بالإمداد فكان جزاء ولو شاء أعدمه لكنه أجاب فأجابه الحق فكان ذلك تنبيها من الحق لنا وتعليما فإياك والغفلة عن ملاحظة هذه الأشياء التي نصبها الحق لتشهد فلا تعاملها إلا بما نصبها الحق له فأصل الإجابة في العالم من هناك وهو أصل قوي ولذلك ما دعا الله أحدا إلا وأجابه إلا إن الأمور مرهونة بأوقاتها لمن يعلم ذلك فلا تستبطئ الإجابة فإنها في الطريق وفي بعض الطرق بعد وهو التأجيل ومن ذلك طيب الأعراق يدل على مكارم الأخلاق قد قيل في مثل أجراه قائله * إن الجياد على أعراقها تجري فمن يقوم به أخلاق سيده * يجري الجميل وغير الخير ما يجري هذا الذي قلته التوحيد جاء به * يوم الخميس إلينا ليلة القدر أقام عندي بلا كد ولا نصب * من أول لليل حتى مطلع الفجر قال إذا كانت الأعراق التي هي الأصول طيبة بالصلاحية والقوة كان الثمر في الفروع طيبا بالوجود والفعل فالثمر من الأصول يستمد فإنها من ذاتها لا تستبد والأصل الحق في وجود العالم وهو الطيب فما في الوجود إلا طيب فإن كل ما في الوجود إنما هو أخلاق الحق أي ثمرات أسمائه وأسماء الحق للحق كالفروع والأغصان للشجرة ولذلك تختلف الأغصان من التشاجر ويدخل بعضها على بعض تداخل الأسماء الإلهية في الحكم في العالم كما قال كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا فأي عين لم تر في العالم طيبا في أمر ما منه فما ذلك إلا لغيبة الحق عن شهودها في تلك النظرة ومن ذلك ذكر الجنوب قريب من الغيوب من يذكر الله قد يرجو مذكره * من القيام يكون الذكر أو جنب أو القعود فإن الله يذكره * في كل حال بلا كد ولا نصب هذي الحياة التي ترجى النعيم بها * في حال جد يكون الذكر أو لغب إن الذي يذكر الرحمن جاء بما * يكون فيه جلاء الشك والريب فالله يعصم قلبي من غوائله * فإنها قد تؤدينا إلى العطب قال الذاكرون ثلاثة ذاكر قائم وهو الذي له مشاهدة قيومية الحق فيراه قائما على كل نفس بما كسبت فلا يشهده
(٤٢٩)