فانظر إليها عسى تدري حقيقتها * فإنما الناس في الدنيا على خطر قال كن من الذين صرفوا أنفسهم عن الآيات لا تكن من الذين صرفوا عنها فإن الذين صرفوا عنها حجبوا بنفوسهم فنسبوا إليها ما ليس لها فعموا عن الآيات فحلت بهم الآفات فحلت بهم المثلاث والذي انصرف بنفسه عن الآيات لعلمه بأن الدليل يضاد المدلول وما هرب إلا من الضد والمقابل فالناظر في الدليل ما زال فيه فهو هارب مما هو فيه حاصل فعول أهل الكشف والوجود ونظروا إلى المدلول لا من كونه مدلولا إلا من كونه مشهودا فنظروا إلى الأشياء وهي تتكون عنه بأمره لا بل بذاته بأمره فالأمر ما قرنه مع الوجود الذاتي إلا لمن لا شهود له كشفا ولا سلم له نظره من المزج فجاء بالأمر والأمر كلامه وكلامه ذاته ومن ذلك من توفي ترقي نون الوقاية تحمي فعلها أبدا * من التغير والآفات والضرر فلا تغيره ولا تقلقله * عن صورة هو فيها آخر العمر قال لما كانت الوقايات تحول بين من توقي بها وبين ما يتوقى منه أعطته الترقي والنزاهة عن التأثر وعن حكم التأثير فيه فترقى إلى صفة الغني عن العالمين لا إلى غير ذلك فإن الاشتراك قد وقع بيننا في التأثير في بعض المواطن في قوله أجيب دعوة الداع إذا دعاني فاعطاؤه عن سؤال أثر وتأثير وفي الغني عن العالمين لا يكون هذا فإن ارتقى هذا الغني المتوقى إلى الغني عن الغناء فلا يكون ذلك إلا حتى يكون الحق عين ما ينسب إليه من الصفات ومن صفاته الغناء عن كذا فهو غني عن العالمين لا غنى عن نفسه فعلى هذا الحد يكون الترقي ومن ذلك عظمت فضائحه من شهدت عليه جوارحه الشخص مقصور على نفسه * فليس شئ عنه يخفيه يبديه وقتا ثم يخفيه * عنه وهذا القدر يكفيه قال أخسر الأخسرين شاهد يشهد على نفسه كما إن أسعد السعداء من شهد لنفسه فهو في الطرفين مقدم في السعادة والشقاء وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين فهم الذين أشقوا أنفسهم بشهادتهم وأما من شهدت عليه جوارحه فما تعظم فضيحته من حيث شهادة جوارحه - عليه وإنما تعظم فضيحته من حيث عجزه وجهله بالذب عن نفسه في حال الشهادة فإنه ما سمي ذلك النطق شهادة إلا تجوز إلا أن الجوارح تشهد بالفعل ما تشهد بالحكم فإنها ما تفرق بين الطاعة المشروعة والمعصية فإنها مطيعة بالذات لا عن أمر فبقي الحكم لله تعالى فيأخذه ابتداء من غير نطق الجوارح وهنا يتميز العالم من غيره (ومن ذلك بلوع الأمنية في الرحمة الخفية) بلوع ما يتمنى العبد ليس له * وإنما هو لله الذي خلقه ومن يكون بهذا الوصف فهو فتى * يزيد قدرا على أمثاله طبقه قال ألذ ما يجده الإنسان ما لا يشارك فيه ولذلك نسب من نسب من الحكماء الابتهاج بالكمال لله لعدم المشارك له في ذلك الكمال فلا لذة أعظم من عدم المشاركة في الأمر والانفراد به حتى يكون ليس كمثله شئ وهذه هي الرحمة الخفية وإنما سميت خفية لعدم المشاركة فإنه ما يعرفها إلا صاحبها والذي يعلم السر وأخفى وعلم الله بها معك لا يمنعها من الخفاء لأن الخفاء إنما هو عن الأكوان لا عن الله فإن الله لا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء فالشئ لا يخفى عنه عينه وهذا هو العجب إن الإنسان لا يعرف نفسه كيف لا يعرف العارف نفسه وقد عرف أنها لا تعرف (ومن ذلك العالم الذي يخشى هو الليل إذا يغشى صفة الخشية نعت العلما * وهم عند الإله الحكما والذي يجهل ما جئت به * في الذي قد قلته في العلما لم يزل امعة لا يهتدي * مع هذا مع هذا في عمى
(٤٣٦)