تمشي أمور وتذهب علوم وتفوت أسرار وأي مكر أشد من النكر وما ثم فاعل إلا الله فعلى من تنكر فلو أنكرت بالله كما تزعم ما اعتذرت ولا أسد تغفرت ولا طلبت إلا قاله فإنه من تكلم بالله لم يخط طريق الصواب بل هو ممن أوتي الحكمة وفصل الخطاب ومن ذلك الترائي في المرائي إن المرآة ترينا ما يقوم بنا * من التغير فيما تحمل الصور لقد تحيرت فيما قد خلقت له * وما لنا منزل لكن لنا سور قال يحفظ في رؤية صور التجلي في صور الموجودات فإن الله ما ضرب لك المثل في الدنيا بتجلي الصور في المرآة من الناظر ويتجلى ما في المرآة في مرآة غيرها قلت أو كثرت سدى فاعرف إذا رأيت صورة في مرآة هل هي صورة من مرآة أخرى أم هي صورة لا من مرآة ثم أنظر في المرائي واعتدالها والأقوم منها وانظر إلى مرآة وجودك فإن كانت اعدل المرائي ولا تكن فإن الأنبياء ع أعدل مرآة منك ثم لتعلم إن الأنبياء قد فضل بعضهم بعضا فلا بدأن يكون مرائهم متفاضلة وأفضل المرائي وأعدلها وأقومها مرآة محمد ص فتجلى الحق فيها أكمل من كل تجل يكون فاجهد أن تنظر إلى الحق لمتجلي في مرآة محمد ص لينطبع في مرآتك فترى الحق في صورة محمدية برؤية محمدية ولا تراه في صورتك كما قال الرجل للذي قال رأيت الله فأغناني عن رؤية أبي يزيد فقال له الرجل لأن ترى أبا يزيد مرة خير لك من أن ترى الله ألف مرة فلما رآه ذلك المستغني مات فقيل لأبي يزيد خبره فقال أبو يزيد كان الحق يتجلى له على قدره فلما رآنا تجلى الحق له على قدرنا فلم يطق فمات من حينه والحكاية مشهورة وذلك عين ما أشرنا إليه ومن ذلك الزهرة لا هل النظرة ما زهرة الأرض سوى فتنة * تعم أهل الأرض أحكامها * وإن من يدركها فتنة * فذلك المدرك علامها قال ما تنعمت الأبصار في أحسن من زهرة الروض إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها وأحسن زينة عليها رجال الله فاجعلهم منتزهك حتى تكون منهم فما دمت أرضا فأنت محل زينة أزهار النوار وهي دلالات على الثمر الذي هو المقصود من ذلك لأن به تسري الحياة فهو القوت الحسي الحيواني فإن كنت سماء مع بقاء أرضيتك عليك في مقامها وذلك هو الكمال فإنه من رجال الله من يفنى عينها لقوله تعالى كل من عليها فإن فالعارف انتقل من ظهرها إلى بطنها فما فنى عنها بل تحقق بها كذلك فليكن فإذا كنت سماء فأنت محل زينة زهر الأنوار أنوار الكواكب وهي تدل على الحياة المعنوية العلمية ومن ذلك قد تكون الفتنة جنة يستتر المحفوظ في فتنته * سترة من يحفظ في جنته فيتقي منها سهام العدى * كذلك العارف في جنته قال لا شك أن الفتنة جنة فإنها ستر في وقتها عن الأمر الذي تؤول إليه ذاتك فإنك منظور إليك من جانب الحق بعين الحق في حال الفتنة ما يكون منك ولا تمتحن وتختبر حتى تمكن من نفسك وتجعل قواك لك وتسدل الحجاب بينك وبين ما هي الأمور عليه حتى ترى ما يستخرج منك هذه الفتنة فإذا أراد الرجل التخلص من هذه الورطة فلينظر إلى الأصل الذي كان عليه قبل الفتنة وقد أحالك الله عليه إن تفطنت بقوله أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا فانظر إلى حالك مع الله إذ لم تكن شيئا وجوديا ما كنت عليه مع الحق فلتكن مع الله في شيئية وجودك على ذلك الحكم لا تزد على ذلك شيئا إلا ما اقتضاه الخطاب فقف عنده ومن ذلك من خان الخيانة خان الأمانة يا أيها المحجوب في عزته * لا تنظر الخائن من بزته فإن مكر السر في خلقه * خيانة منه على عزته قال هذه نكتة أغفلها أهل الله أهل النقد والتمييز فكيف من ليس له هذا المقام من أهل الله وهو أنك لا تخون الخيانة إلا بأداء الأمانة فأنت خائن من حيث تظن إنك لست بخائن في أدائك الأمانة إلى أهلها فإن الخيانة تطلب حكمها وحكمها نافذ في كل أحد فإن الإنسان حامل أمانة بلا شك بنص القرآن فإن أداها فقد خان الخيانة وإن لم يؤدها فقد
(٤٣٣)