قال الغشيان نكاح وهو ستر فهو سر فلما تغشاها حملت حملا خفيفا غطاها بذاته وسترته بنفسها فكان لها لباسا وكانت له لباسا هن لباس لكم وأنتم لباس لهن فالعالم من انسحب علمه على كل شئ فغشاه فلم يخرج عن علمه شئ من الأمهات فلبسه كل شئ فهو ثوب كل شئ متى يكون ذلك إذا كان قلبه بيت الحق فإذا لبسه الحق بكونه في قلبه ولبسه العبد بكونه جميع قواه والحق هو الجامع وعلمه ليس غير الحق فقد علم كل شئ وإذا علمه فقد غشيه وإذا غشيه فقد لبسه وإذا لبسه انفعل عنه ما ينفعل ويصير ذلك المنفعل أهلا له أيضا يغشاه ومن ذلك الردة عن الدين شيمة الملحدين صاحب الردة لا تحسبه * عالما بالأمر فيما قد علم * بل هو الجامع حقا ولذا * كل ما يسمع من قول حكم إنه يصدق فيما قاله * والذي يعقل هذا لا جرم قال الدين الجزاء فلا يميل عن الجزاء إلى العمل على العبودة وتكون عبادته لذات الحق كما هي عبادته في الآخرة كان عند الناس ملحدا وعند ربه موحدا فإنه سلم من البواعث المعلولة في عبادة ربه فهذا هو الإلحاد المحمود وما سمي إلحادا إلا لما فيه من الميل عن العمل على الأمر إلا أنه لا بد أن يكون من هذه حالته في عبادته أن يشهد ويسمع أمر الحق بتكوين الأعمال فيه التي شرعت له أن يعملها فيراها تتكون فيه عن أمر الله على الموافقة لما شرع الله من الأمر والنهي ويسمع أمر الحق بالتكوين فإن لم تكن هذه صفته فما هو ذلك الرجل الذي بوبنا بنا عليه إن الردة عن الدين شيمة الملحدين فبهذا يعرف نفسه صاحب هذا المقام فلا يأخذه بالقوة ومن ذلك اقتحم العقبة من أفرد نفسه بالمرتبة لا تقتحم شدة فالأمر أيسر * من ظن تظن فإن الحق يسره إن الوجود مع الإنسان خيره * وبعد تخييره في الأمر حيره أماته الله حتفا ثم أقبره * وبعد هذا إذا ما شاء أنشره قال من قال إني إله من دونه فما جهل إلا بقوله من دونه ما جهل بقوله إني إله وحده ولكن بالمجموع فإنه أثبت الغير بقوله من دونه فإن العبد إذا نطق بالحق وكان الحق نطقه فهو القائل إني إله لا العبد فلا يحتاج أن يقول من دونه في نطقه بالحق فإن العبد لا يكون ربا ولا سيما في مثل هذا الذوق فلا رائحة فيه جملة واحدة لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم فقولهم ابن مريم ونعتوه بالبنوة ولو قالوا ابن الله كان ذلك كله خطأ وكانوا كافرين فلو قالوا الله والمسيح أياما تدعو كما قال في الرحمن لم يفردوه بالمرتبة ولا أشركوه إنما الله إله واحد ومن ذلك من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه إن الدعي زنيم حيث ما كانا * وهو العزيز به فيه وإن هانا الله جمله الله عدله * الله سواه دون الخلق إنسانا قد أظهر الله فيه عز قدرته * لو لم يكن لم يكن ذاك الذي كانا لو كان لي أمل في غير ما خلقت * نفسي له لم أكن في الخلق محسانا قال جاء في الخبر النبوي من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله أي له البعد وما له سيد إلا الله ولذلك نهى رسول الله ص أن يقول أحدنا عبدي وأمتي وليقل غلامي وجاريتي كما نهى أن نقول لمن له سيادة علينا ربنا فانظر إلى هذه الغيرة الإلهية وما تعطيه الحقائق وكذلك من ادعى إلى غير أبيه ملعون أي قد بعده عن الأصل الذي تولد عنه إلا أنه لا يقال ابن إلا لبنوة الصلب وإن جازت بنوة التبني ولكن قول الله أولى في قوله ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله ولا نشك أن الغيرة حكمت أن يقال الولد للفراش ما لم ينفه صاحب الفراش فبنوة التبني بالاصطفاء والمرتبة ولفظة الابن هي المنهي عنها إلا أنه وردت رائحة في التبني في قوله لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه بل أداة إضراب هو الله الواحد القهار وهنا في المصطفى إشكال من هو المصطفى فقد يحتمل أن يريد محل الولد ليظهر فيه الولد بالتوجه الإلهي في الصورة البشرية في عين الرائي كجبريل حين تمثل لمريم بشرا سويا فقالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا وهنا سر أيضا فابحث عليه فقال لها جبريل إنما أنا رسول ربك جئتك
(٤٣٧)