أعاد عليك ما أنت فيه إلا أنت فأنت بكل وجه وعلى كل حال معه أو معك فلا تلومن إلا نفسك إذا رأيت ما لا تستحسنه واشكره على كل حال فإنه أفادك العلم بك فيما أعطاك وكشفه لك منك فلهذا يشكر ولا يجوز أن يكفر ومن ذلك الكتابة لأصحاب النيابة قال ما كتب الله على نفسه ما كتب إلا لمن قام بحق النيابة عنه فيما استنابه فيه وليس إلا المتقين وهم الذين جعلوا الله وقاية لهم منه ومن كل شئ يكون منه كما جعلهم الله وقاية بينه وبين ما ذمه من الأمور مما هو خلق الله فينسب ذلك إلى الآلة التي وقع بها الفعل فلما وقاه وقاه فصح له ما كتب له على نفسه وقال ما عدا هؤلاء فهم أهل المنن فنالوا أغراضهم على الاستيفاء ثم إن الله أمتن عليهم بعد ذلك بالمغفرة والرحمة التي عم حكمها وقال لله قوم من نوابه كتب الله في قلوبهم الايمان فما كذبوا شيئا مما له وجود في الكون ووجدوا له مصرفا وإن كان الذي جاء به قصد الكذب وأخبر في زعمه أنه عدم فله وجود عند هؤلاء ولذلك قال وأيدهم بروح منه فهذا الروح المؤيد به إذا توجه على معدوم أوجده وعلى معدل مسوي نفخ فيه روحا ومن ذلك يا معلم الحق أنت الكتاب الذي سبق قال للأعيان الثابتة في حال عدمها أحكام ثابتة مهما ظهر عين تلك العين في الوجود تبعه الحكم في الظهور وعلى هذا تعلق علم الحق به فما للعلم سبق ولا للكتاب وإنما السبق لما أنبأناك به فالشئ حكم على نفسه أعني المعلوم ما حكم غيره عليه فلا فضل لشئ على شئ وإنما يظهر لك ما بطن فيك عنك ولا لوم فالحق له الغني على الإطلاق فلا افتقار إذ لو افتقر إليه لحكم عليه الافتقار بإعطاء ما افتقر فيه إليه فيدخل تحت وجوب الافتقار أو تحت مشيئة الاختيار ولا دخول له في هذا ولا في هذا فهو الغني عن العالمين إن أنصفت ومن ذلك الجوهر النفيس في التقديس قال التقديس الذاتي يطلب التبري من تنزيه المنزهين فإنهم ما نزهوا حتى تخيلوا وتوهموا وما ثم متخيل ولا متوهم يتعلق به أو يجوز أن يتعلق به فينزه عنه بل هو القدوس لذاته فهو الجوهر أي الأصل النفيس الذي لا ينافس في صفاته فإن الذي هو له ما هو لك وإن الذي لك لك ما هو له فأنت لك بما أنت وهو له بما هو والحقائق لا تنقلب ولا تتبدل فما تخلق متخلق بأخلاق غيره وإنما أخلاقه ظهرت عليه لا عين الناظرين ولا تحقق متحقق بحدود غيره فإن الحد لا يكون لغير محدود ولا سيما الحدود الذاتية فما ثم إلا جوهر نفيس وليس العجب إلا في كونه جوهر أو الأصول لا تدل عليها إلا الفروع لأنها غيب وما ثم فرع لهذه الأصول فكل ما ظهر فهو جوهر فهو أصل في نفسه لا فروع له إلا عين علمك به لا غير ومن ذلك قوله عز وجل ليخرجن الأعز منها الأذل قال كانت النفس الناطقة في نفس النفس الذي وقع به النفخ فكانت عين النفس المنفوخ في هذه الصورة العنصرية وهي صورة نشأت من أرض ذلول فذلت بذلة أصلها لكون مزاجها أثر فيها فكان الابن أذل من أمه لأنه في خدمتها ومسخر لها ومأمور بمراعاتها والأعز الحق خالقها فأقسم ليخرجن الأعز منها الأذل ليعزه بولاية أحسن من هذه الدنية وهي النشأة الآخرة طاهرة مطهرة مساعدة له على ما يريد منها من التنوع في الصور والتجلي في أي صورة شاء كما هو في نفسه ولهذا قال ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين وغير المؤمن ما له هذه المنزلة ومن ذلك من أسس بنيانه قوى أركانه قال من أوثق قواعد بنيانه وأقام جداره وعدل زوايا أركانه فما هي منفرجة ولا حادة بل معتدلة متوسطة كما قال فسواك فعدلك أمن من الهدم والسقوط وهذا هو بيت الايمان فما اعتبر أرض البيت في البيت لأنه ليس من صنعة البيت واعتبر السقف لحاجة البيت إليه وهو الذي وقع عليه النظر أولا فقام البيت على خمسة سقف وأربعة جدر وهو قوله بنى الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا والساكن المؤمن وحشمه وخوله مكارم الأخلاق ونوافل الخيرات فمكارم الأخلاق زينة هذا البيت ونقشه وعمرته وسدنته وحشمه وخوله نوافل الخيرات وما أوجبه المؤمن على نفسه ومن ذلك الحجة في المحجة قال العلم يقتضي العمل فمن ادعاه من غير عمل به فدعواه كاذبة ومعناه دقيق جدا من أجل مخالفة المتعدين حدود الله من المؤمنين العلماء بالله العارفين به فربما يقال لو كانوا عالمين ما خالفوا وهم عالمون بلا شك بأن الله حد لهم حدودا معينة فعلمهم بذلك دعاهم
(٤٢٢)