من حلوله ما له عين وجودية وقد أحدث الخوف في جسم الخائف حركة الهرب وطلب الستر والمدافعة وما وقع شئ إلا عين الخوف وهو لطيف فإذا حل به ما يخاف منه فلا بد من قوة سلطان الخوف عليه وإن كان لطيفا وهو أحد أمرين إما الرضي والصبر أو السخط والضجر والأثر سكون أو قلق فقد أثر ومن ذلك قرب العبد الثاني في المثاني قال القرب من الحق قربان قرب حقيقي وهو ارتباط الرب بالمربوب وارتباط العبادة بالسيادة والحادث بالسبب الذي أحدثه والقرب الثاني القرب بالطاعة لأمر المكلف والدخول تحت حكمه فالأول قرب ذاتي يعم جميع الموجودات والثاني قرب اعتناء وكرامة فالقرب الأول قرب رحم ونسب لو أراد الدافع أن يدفعه لم يستطع لأنه لذاته هو قرب وقرب الاختصاص قرب المكانة من السلطان فيؤتى الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء فله ذلك فلو قيل له لا تكن سيدا لعبدك أو لا تكن عبدا لسيدك لكان خلقا من الكلام ولو قيل له أطع سيدك أو لا تطع سيدك لم يكن ذلك خلفا من الكلام وإن قيل له إن شئت أطع سيدك وإن شئت لا تطعه ردته الحقائق فإن العبد لا مشيئة له مع مشيئة سيده ومن ذلك السبت في السبت قال يقول الله عز وجل أولئك يسارعون في الخيرات وهي الطاعات التي أمر الله بها عباده وهم لها سابقون كما قال ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير ولما كانت المسارعة إلى الخيرات وفي الخيرات تتضمن المشقة والتعب لأن سرعة السير تشق أعقب الله هذه المشقة رحمة إما في باطن الإنسان وهو الذي رزقه الله الإلتذاذ بالطاعات فتصرفه المحبة فلا يحس بالمشقة ولا بالتعب في رضي المحبوب وإن كان بناء هذا الهيكل يضعف عن بعض التكاليف فإن الحب يهونه ويسهله وإما في الآخرة فلا بد من الراحة والسبت الراحة والسبت سير سريع في اللسان وللراحة تسمى يوم السبت سبتا وما عامله بما ينبغي له إلا أهل هذه البلاد وفي المغرب أهل سبتة لا غير ومن ذلك من بهت فقد بخت قال لا يكون البهت أبدا إلا لمن عجز ومن عجز فقد وقف على حقيقته ومن وقف على حقيقته علم ما ثم فشرف محله بالعلم فإنه ما يتصرف إلا بالعلم ومن صرفه العلم فقد سعد لشبهة بالأصل وهو التخلق وقال قال الله لنمرود بلسان إبراهيم الخليل ع فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر في المسألة الأولى وهو الآن بالبهت ليس بكافر لأنه علم الحق والله لا يهدي القوم الكافرين أي لا يبين لهم في حال سترهم وحجابهم فإن الإبانة بالعلم ترفع ستور الجهل بذلك المعلوم وإذا ارتفع الستر كان تجلى الأمر على ما هو عليه فأعطى العلم فهت الذي ستر عنه الأمر قبل تجليه فآمن به في نفسه ولا بد وإن لم يتلفظ به وكيف يتلفظ به وقد غاب عن الإحساس بعين ما هو به محس ومن ذلك بيت النور القلب المعمور قال ليس لقلب المؤمن التقى النقي الورع عامر إلا الله والله هو النور لأنه نور السماوات والأرض ثم مثل القلب بالمشكاة فيها مصباح وهو النور نور العلم بالله وما بقي من الكلام فإنما هو من تمام كمال النور الذي وقع به التشبيه ما هو من التشبيه فلا تغلط فتخط الطريق إلى ما أبان الحق عنه في هذه الآية فالعارف يقف في التلاوة على مصباح ثم يقول المصباح في زجاجة فحديثه مع المصباح لامع النور الإلهي الذي هو الحق الذي وسعه القلب المشبه بالمشكاة والمشكاة الكوة ومن ذلك الحصن المنيعة علوم الشريعة قال من علم حكمة وضع الشرائع والنواميس في العالم رعاها حق رعايتها فحافظ عليها ولزم العمل بها هذا لما يتعلق بها من منافع الدنيا وحفظ الأنساب والأموال وحصول الأمان في النفوس بوجود القائمين بها والعاملين هذا حظ الكافة منها وأما المؤمنون بها إذا كانت النواميس إلهية جاءت بها رسل الله من عند الله فزادوا فيها صدق ما يتعلق بالآخرة من ثواب وصفات وما يتعلق بها للعامل عليها المخلص فيها من الكشف والاطلاع والتعريفات الإلهية والمخاطبات الروحانية ومناسبة ما يلحق العالم العنصري بالملأ الأعلى في التقديس والتطهير فلا سلاح ولا حصن أحمى من العمل بالمشروع كان المشروع ما كان وإذ ولا بد من حفظ الناموس فعليك بملازمة الشرع المطهر النبوي الإلهي ومن ذلك ما ظهر إلا أنت حيث كنت قال إذا لم يكن لك من أنت له إلا بما يقبله ويكون عليه لا بما هو عليه فأنت الذي ظهرت لك وما أعطاك منه شيئا فما أفادك إلا إن عرفك إن ما أنت عليه هو أنت وإذا كان الأمر هكذا فما عرفت سواك هذا حالك مع من استندت إليه ورأيت أن له أثرا فيك فكيف بك إذا لم تستند إلا إليك ولا
(٤٢١)