يطلب المألوه بالذات وإليه يرجع الأمر كله فهو الغاية ومنه بدا الأمر كله ولذلك جاء بالرجوع لأنه لا يمكن أن يكون رجوع إلا من خروج تقدم والموجودات كلها المحدثات ما خرجت إلى الوجود إلا عن الله فلهذا ترجع أحكامها إليه ولم تزل عنده وإنما سميت راجعة لما طرأ للخلق من رؤية الأسباب التي هي حجب على أعين الناظرين فلا يزالون ينظرون ويخترقون الأسباب من سبب إلى سبب حتى يبلغوا إلى السبب الأول وهو الحق فهذا معنى الرجوع ومن ذلك من جاء شيئا إمرا أحدث له القرين ذكرا قال كل أمر يقع التعجب منه فإن صاحبه الذي أوجده للتعجب ما أوجده بهذه الحالة إلا ليحدث منه ذكرا لهذا الذي تعجب منه فلا تستعجل فإنه لا بد أن يخبره موجدة بحديثه إلا إن الإنسان خلق عجولا ففي طبعه الحركة والانتقال لأنها أصله فإن خروجه من العدم إلى الوجود نقله فهو في أصل نشأته ووجوده متحرك فلهذا قال خلق الإنسان من عجل وخلق الإنسان عجولا ولو رام غير العجلة ما استطاع وما في العالم أمر لا يتعجب منه فالوجود كله عجب فلا بد أن يحدث الله منه ذكرا للمتعجبين فالعارفون أحدث الله لهم ذكرا منه في هذه الدار فعرفوا لما خلقوا له ولما خلق لهم والعامة تعرف حقائق هذه الأمور في الآخرة فلا بد من العلم وهو إحداث الذكر ومن ذلك الركون لا يكون إلا لمغبون لا تركنن إلى غير الإله فما * يركن إلى غيره إلا الذي جهله سبحانه وتعالى أن يقر له * في ملكه بشريك غير من خذله من قال إن له ندا وصاحبة * فربه بحسام الجهل قد قتله والله ما طلعت شمس ولا غربت * على محب له إلا وقد وصله بما يريد وما يبغيه من مسخ * إلا حباه بها في تحفة وصله سبحانه وتعالى أن يحيط به * نظم من الشعر أو نثر من البطلة لا تركن إلى غير ركن فتخيب انظر في القرآن بما أنزل على محمد ص لا تنظر فيه بما أنزل على العرب فتخيب عن إدراك معانيه فإنه نزل بلسان رسول الله ص لسان عربي مبين نزل به الروح الأمين جبريل ع على قلب محمد ص فكان به من المنذرين أي المعلمين فإذا تكلمت في القرآن بما هو به محمد ص متكلم نزلت عن ذلك الفهم إلى فهم السامع من النبي ص فإن الخطاب على قدر السامع لا على قدر المتكلم وليس سمع النبي ص وفهمه فيه فهم السامع من أمته فيه إذا تلاه عليه وهذه نكتة ما سمعتها قبل هذا عن أحد قبلي وهي غريبة وفيها غموض ومن ذلك من لم يتكبر على خلقه فقد أدى واجب حقه ليس التكبر والإهمال من شيمي * بل التواضع والإمهال من شيمي إني عبدت الذي أحبني ويغفر لي * وهو المهيمن رب الصفح والكرم قال لا يتكبر على الأمثال إلا من جهل إنهم أمثال فكما لا يتكبر الشئ على نفسه كذلك لا يتكبر على مثله ومن لم يتكبر على خلق الله فقد أعطاهم حقهم الذي وجب لهم عليه كما أعطاه الله خلقه الذي لم يكن إلا به وإلا فما هو هو فإن الإنسان إذا لم يكن هو الحيوان الناطق وإلا فليس بإنسان فهذا أعطى كل شئ خلقه وأوجب عليك أنت الحقوق فما في العالم إلا من له حق عليك تؤديه إليه إذا طلبه منك وما لم يطلبه بحاله أو لسانه لم يتعين عليك فلا بد من الأوقات فيه كما هو في الإيجاد والآجال إذا جاء الوقت قال تعالى إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون وقال تعالى في شأن القيامة لا يجليها لوقتها إلا هو فحينئذ يعطيها خلقها كذلك إذا حان أجل أداء الحق تعين عليك الأداء فإن أنت لم تفعل فأنت ظالم ولا يتعين أداء حق إلا مع قدرة المؤدي على أدائه وذلك وقته ومن ذلك المقصود رؤية التقصير مع بذل المجهود ما كان مقصودي من التقصير * إلا الذي أدركت في التشمير حتى يراني العاذلون قد اعتنى * من قمت فيه بنفثه المصدور
(٤٢٧)