المنتبه للأسماء دلالتان ولها تعلقان التعلق الواحد دلالتها على المسمى الواحد الذي يجتمع فيه الأسماء كلها من غير أمر زائد والدلالة المطلوبة ما تتميز به الأسماء من المعاني كما تميزت بالألفاظ والمباني فالمباني كالعالم والعليم والعلام والألفاظ مثل هذا وكالخالق والقادر في الأحكام فانظر في هذه الأقسام فإذا علمتها فأنت الإمام المقدم على جميع الأنام والملائكة الكرام هذا علم أبيك فاجعله قوتك فإنه لن يفوتك فكل كرامة لا تتصل بالقيامة فما هي كرامة واحذر من الاستدراج في المزاح ومن ذلك ما للأنام من الإكرام من الباب 192 الإكرام الإلهي في الأنام الرؤية والمشاهدة والكلام الرؤية هي المنية والمشاهدة رؤية الشاهد وهي ترجع إلى العقائد فهي تعرف وتنكر والرؤية لا يدخلها إنكار فتبصر والكلام ما أثر ولا يدخله انقسام فإذا دخله الانقسام فهو القول وفيه المنة الإلهية والطول القرآن كله قال الله وما فيه تكلم الله وإن كان قد ورد فيه ذكر الكلام ولكن تشريفا لموسى ع ولو جاء بالكلام ما كفر به أحد لأنه من الكلم فيؤثر فيمن أنكره وجحد ألا ترى إلى قوله وكلم الله موسى تكليما كيف سلك به نهجا قويما فأثر فيه كلامه وظهرت عليه أحكامه فإذا أثر القول فما هو لذاته بل هو من الامتنان الإلهي والطول ففرق بين القول والكلام تكن من أهل الجلال والإكرام كما تفرق بين الوحي والإلهام وبين ما يأتي في اليقظة والمنام ومن ذلك من رأى السعادة في العادة من الباب 193 حكمة العادة في علم الشهادة إثبات الإعادة فإن الايمان بها يعطي السعادة العادة عود الحق إلى الخلق وإن اختلفت الصور ففيه إثبات الغير فلا تجريح فإنه العلم الصحيح لا تكرار في الوجود وإن خفي في الشهود فذلك لوجود الأمثال ولا يعرفه إلا الرجال لو تكرر لضاق النطاق ولم يصح الاسم الواسع بالاتفاق وبطل كون الممكنات لا تتناهى ولم يثبت ما كان به تباهى من قال بالرجعة بعد ما طلق فما طلق وكان صاحب شبهة فيما نطق إنه به تحقق وإن لم يكن كذلك فهو أخرق وكلامنا مع العاقل العارف بهذه المعاقل فإنه عن العلم بمثل ما ذكرناه ليس بغافل الطلاق الرجعي رحمة بالجاهل الغبي ولو قلنا في الرجال بالرجعة في الطلاق خرقنا في ذلك ما جاء به أهل الله من الاتفاق فإنه نكاح جديد ولذلك يحتاج إلى شهود أو ما يقوم مقام الشهود من حركة لا تصح إلا من مالك غير مطلق وكذا هو عند كل محقق فمذهب أهل الأسرار لا تكرار مع ثبوت العادة والايمان بالإعادة ولكن كما شرحناه وبيناه للناظر وأوضحناه وبه عند كل ذي أذن أفصحناه فإذا علمت فتصرف في العبارات كيف شئت فما يعلم كما بدأكم تعودون إلا من علم وننشئكم فيما لا تعلمون فمن آمن ببعض وكفر ببعض فهو الكافر حقا والجاهل الظالم نفسه صدقا ومن ذلك الإعجاز في الصدق والإيجاز من الباب 194 أريت في الواقعة الجامعة حقيقة الإعجاز في النطق بالصدق فاصدق في نطقك تكن المعجز فاسهب بعد ذلك أو أوجز فإن الغاية في الإعجاز المبالغة في الإسهاب والإيجاز فما من آية إلا هي أكبر من أختها وإن تولدت عنها وقامت لها مقام بنتها فقد يكون في الشاهد الولد أعظم في القدر من الوالد وأما في الغائب فهو غير صائب إلا في موضع واحد وهو ما تولد عندك من معرفتك بربك عند معرفتك بنفسك وإن كان ليس من جنسك فذلك العلم لهذا العلم كالولد وهو أعظم قدرا من الوالد عند كل أحد وما سوى هذا وأمثاله في الغائب فليس بصائب فلا تقس الغائب على الشاهد في كل موطن فإنه مذهب فاسد يرحم الله أبا حنيفة ووقاه من كل خيفة حيث لم ير الحكم على الغائب وهو عندي من أسد المذاهب وأحوط من جميع الجوانب ومن ذلك رتبة وحي المنام من الكلام من الباب 195 النبوة في المبشرات مخبوءة فمن لا مبشرة له لا نبوة له وإن لم تكن نبوة مكملة وإن كانت بالمقام الرفيع وهو التشريع ولكن إذا تحقق الرائي لديه من يوحي بذلك إليه حينئذ يعول عليه فإن أوحي به الرسول فله أن يقتصر بذلك على نفسه ويقول فإن تحقق عند السامع حقه وثبت عنده صدقه تعين في ذلك اتباعه وحرم عليه تراعه فإن كان ناسخا لحكم ثبت بخبر الواحد فالأخذ به معين عند الواجد وبقي النظر والتكملة في المقلد له فإن كانت العدالة على السواء فصاحب الرؤيا أولى بمحجة الاهتداء فحكم وحي المنام بشرائطه حكم اليقظان بالدليل النقلي والبرهان وهو بمنزلة لصاحب في السماع والتابع إياه بمنزلة الاتباع فإن كان الموحي بذلك الحق تعالى أو الملك إليه فتناوله بحسب الصورة التي نزل
(٣٦٩)