بها عليه ولا يتخذ ذلك شرعا يتعبده وإن كان يحمده وهذه فائدة سرجها متوقدة من شجرة مباركة من تشاجر الأسماء ويكفيك هذا الإيماء فاعمل بحسبه واعلم قدر منصبه ومن ذلك نظم السلوك في مسامرة الملوك من الباب 196 الذي يختاره الملك لمسامرته ويصطفيه يسامره بالاسم الذي يتجلى له الملك فيه فهو بحكم تجليه في تحليه فيتنوع السمر كما تتنوع في العقود الدرر وعلى هذه الصورة يكون الخبر والحديث فتارة في القديم وتارة في الحديث فإذا كان السمر في تدبير الملك كان بحكمه وتحت سلطان اسمه فيتخيل في الملك أنه مخدوم وهو بما يحتاج الرعايا إليه عليه محكوم وإن لم يكن كذلك فليس بملك ولا مالك وقد يكون السمر في شأن المنازع وتعيين المدافع وما يصرفه في ملكه في صبيحة ليلته من المضار والمنافع فاختصاص المسامرة بالاسم الضار والاسم النافع فما له حديث إلا في الحدوث لا يصح من النديم الحديث في القديم ولهذا قال في كلامه تعالى ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث مع علمنا بقدمه وهو عين كلمة فكثره ووحده وقسمه وأفرده وأنزله وأحدثه وناجى به المسامر وحدثه فمن المسامرين المستغفرون ومنهم التائبون الحامدون الراكعون الساجدون فلا يزالون في هذا رغبة في المثوبة والأجر حتى ينصدع الفجر ولذا يبكر بالصبح ويغلس في أول ما يتنفس ومن ذلك المسافر منافر من الباب 197 السفر قطعة من العذاب لما يتضمنه من فراق الأحباب فالمسافر منافر في سفر الأكوان النزوح عن الأوطان الرحمن ينزل كل ليلة من عرشه إلى سمائه بجميع أسمائه وفي القيامة ينزل بعرشه إلى فرشه وقد قيل في السفر للمسافر خمس فوائد تفرج هم واكتساب معيشة * وعلم وآداب وصحبة ماجد لا هم إلا هم الوحيد لما هو عليه من التفريد ففي وجود الخلق مؤانسة الحق واكتساب المعيشة ما يأتي إليه به الإرسال من أعمال العمال وعلم في سر قوله حتى نعلم فافهم وأدأب ما يأتون به من جميع الخير طلبا لحسن المآب وصحبة ماجد مثل الداعي والسائل والمستغفر والتائب وهو القاصد فصح ما نظمه الشاعر في السفر للمسافر فالسفر صفة الحق ولا يطلق إلا على الخلق فهو في الحق نزول وفي الخلق عروج ورحيل ومن ذلك الثلاثة نفر في السفر من الباب 198 الحق والملك والغمام اثنان الله ثالثهما والسلام فالركب المحفوظ بعين الله ملحوظ الواحد شيطان لبعده عن الجماعة والاثنان شيطانان لعدم الناصر وتوقع ما تقوم به الشناعة والثلاثة نفر وهم أهل الأمان غالبا في السفر التثليث من أجل المحدث والمحدث والحديث ما كفر القائل بالثلاثة وإنما كفر بقوله إن الله ثالث ثلاثة فلو قال ثالث اثنين لأصاب الحق وأزال المين ما ظنك باثنين ألله ثالثهما يريد أن الله عز وجل حافظهما يعني في الغار في زمان هجرة الدار من أصعب أحوال الإنسان فراق الأوطان فمن كان وطنه العدم في القدم كانت غربته الوجود وإن حصل له فيه الشهود فهو يحن إلى وطنه ويغيب عند شهود سكنه والفناء حال من أحوال العدم عند من فهم الأمور وعلم فما يطلب أهل الله الشهود إلا لأجل الفناء عن الوجود وأما بعض العبيد فلما فيه من الجود كما إن منزل الحق التوحيد فيفنيهم عند الشهود لحصول التفريد والله على ما نقول شهيد وقد قال أهل اللسان إنه الآن على ما عليه كان نعني من التنزيه ونفي التشبيه ومن ذلك الحال ما حل وحال من الباب 199 الحال ما حال فالوجود كله حال لا يصح الثبات على شأن واحد لما تطلبه المحدثات من الزوائد فالأمر شؤون فلا يزال يقول لكل شئ كن فيكون ثم إنه عند ما يكون يستحيل فتظهر وفي وطنها تقيل ما لها قوة على فراق السكن ولا النزوح عن الوطن فترجع إلى العدم في الزمن الثاني من غير تواني فهو يخلق وهي تنفق الوجود كله تعب ولذا قال له فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب فما فرع إلا اشتغل ولا انقضى عمل إلا استعمل وكان في العدم صاحب راحة لأنه في موطن الاستراحة إذا كان الرحمن كل يوم في شأن فما ظنك بالأكوان ما قال بأن العدم هو الشر إلا من جهل الأمر إنما ذلك العدم الذي ما فيه عين ولا يجوز على المتصف به كون وليس إلا المحال فذلك العدم هو الشر المحض على كل حال وأما العدم الذي يتضمن الأعيان فذلك عدم الإمكان فهي أعيان تشهد وتشهد فهي الشاهد والمشهود في حال العدم والوجود فإلى الأحوال هو المال وإليه حن الإنسان ومال ومن هنا يثبت شرف الذوق والحال (ومن ذلك مقام المنزلة في البسملة
(٣٧٠)