ولا عتى ولهذا صح له اسم الفتى الفتى من لا يزال للعلم طالبا ومن الجهل هاربا لولا ما شاهد في الكلام السنة الإمام ما كلم ولا اتبع مخلوقا ليتعلم هو عرف ما هنالك فتعشق بذلك قال له هل أتبعك على أن تعلمني مما عملت رشدا قال إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا أي لم تذق خطاب الحق بلساني ولا رأيته في كياني ومن ذلك إدراك الغرر من النظر من الباب 145 الفراسة رياسة ما حار وما ظلم من تفرس وحكم يستخرج خفايا الأسرار بما عنده من الأنوار يعرف الماء في الماء ولا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء ليس بقائف بل هو العارف وليس بعارف ولا زاجر وإن أتى بالزواجر يعرف الأول من كل شئ فيكشف بها كل خب ء يفور من بصره النور ولا يبور هو بالإيمان مشروط وبحكمه مربوط يمده المؤمن بما شاء من أسمائه عند إنبائه فلا يبطئ ولا يخطئ له النفوذ والمضاء وله الحكم والقضاء وله الإمساك إن شاء ولا مضاء فإن شاء لم يقض وإن شاء قضى بما يكون وهو كائن وما قد مضى نوره لا يحتاج إلى مدد ولا انقضاء مدد ولا استبصار بأحد سورته من القرآن قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد فعل سورة الإخلاص ما له مناص ومن ذلك الخلق تحقق لا تخلق من الباب 146 مكارم الأخلاق أدلة على كرم الأعراق التصوف خلق والمعرفة تحقق الصوفي رباني والعارف وحداني والعالم إلهي والواقف طالب والحكيم ناصب الخلق العظيم عند الكظيم الغصن إذا حركته الريح مال والإناء إذا زاد على وسعه سأل الإناء بما فيه ينضح وعلى ظاهره يرشح فلا يفرح الإنسان حتى يرى ما به ينصح من نصح فقد أفصح ودل على المقام الأرجح إذا وزنت فارجح وإذا وليت فاسجح معاوي إننا بشر فاسجح * فلسنا بالجبال ولا الحديد السماحة ملاحة بها يظهر جمال الإنسان في معاملة الأعيان من الأكوان من صرف خلقه مع ربه فقد علم من في قلبه وقلبه ومن ذلك لولا الأعيان ما ظهر الغيران من الباب 147 الغيور سريع النفور فيخطئ أكثر مما يصيب وهو من شأنه في كل يوم عصيب لما حاز جميع الأسماء ظهر منه الاعتداء لا يحتمل المزيد وإن كان من جملة العبيد يفنى ويبيد إذا سمع تشبيه القرب الإلهي منه بحبل الوريد مقامه الوحدة وإن طالت المدة ينفر من صفات الحق لعلمه بأنه خلق لا يقول بالامتزاج وإن كان خلقه من نطفة أمشاج لا يقول بالنتاج وهو النمام كالزجاج تميل به الأرواح في هبوبها لتدنيه من محبوبها فيأبى الميل وهي تغلبه فتحكم عليه بما لا يقتضيه منصبه ولا يعطيه مذهبه فلا يزال لمجاري الأقدار في حال اضطرار لا اختيار وربك يخلق ما يشاء ويختار فترى الغير أن يحار عجبت وقد علم إن الحق أغير منه فكيف لا يأخذ عنه ومن غيرته حرم الفواحش وهي من الحقائق الدواهش فلا تجمعه بين الشكلين ولا بقوله في رضاه بأخذ الميلين فرق بين النكاح والسفاح حتى تتميز الأرواح وجعل حكم هذا المفتاح في انضمام الأشباح والزنا لا بد منه وقد قال لصاحبه استتر به وصنه وهو يعلم به ويراه وقدره وقضا به ومع ذلك نهاه وإن استتر عن أبناء جنسه فما استتر عمن هو أدنى إليه من نفسه ونفسه وهو خالق الحركات المنهي وقوعها وإليه يرجع جميعها ثم يفرح بتوبة عبده منها فكيف لا ينزه محل عبده عنها فلا يخلق إلا ما يسره وإن كانت المعاصي لا تضره كما إن الطاعات ما تنفعه ومع هذا العلم فلا أرى العالم إلا يفرقه ويجمعه ومن ذلك شهود الغير لا خير ولا مير من الباب 148 ما عنده خير ولا مير من ترك الغير الغير ما له مستند إلا إليه فلا يزال نصب عينيه لقد افترى من قال إن الله لم يقل ألم بعلم بأن الله يرى يا ليت شعري بعد نفسه لمن يرى هل يرى إلا الغير الذي أصله خير فإن الحق أصله ومنه كان فصله فأوجده على صورته وحياه بسورته أشد ما ظهر من الصدق حكم الخلق على الحق فلا يحكم عليه إلا بما يعطيه ولا يقضى فيه إلا ما يقتضيه فيمضيه بحكمه يتصرف وإليه محبة تعرف أهل الاستبصار يعلمون أنه ما قام بالخلق افتقار ولا يتصف باضطرار ولا باختيار بل هو على ما هو عليه ويقبل من كرمه ما أضيف إليه فأبت الأسماء إلا التصرف وأبت الأعيان من الخلق إلا التظرف فمكنتها من التصريف في أعيانها وتخيلت أنها جادت عليها بأكوانها وما علمت بأن الجود كان على نفسها بظهور عقلها وحسها فلولا كرم الخلق ما انفعل للحق ولما كان ذا أصل كريم يحكم فيه الحكيم إيثارا له على
(٣٥٨)