وقال المنادي من ذا فقال هذا الذي بغي عليه قد نزل الحق إليه فأكرمه بنزوله وشرف محله بحلوله فوسعه وقد ضاق عنه المتسع وكان الفضاء الأوسع فعلمنا من خفي حكمته أن قلب المؤمن أوسع من رحمته مع أنه من الأشياء التي وسعته ومن الأمور التي جمعته فما وسعه إلا بها وكماله بسببها ومن ذلك من طاب غاب من الباب الأحد والخمسين ومائتين 251 من سمع طاب ومن طاب غاب والغائب آئب فإنه في أوبته إلى ربه ذاهب فإنه تركه في الأهل خليفة شفقة عليهم وحذر أو خيفة وما خاف عليهم إلا منه لأنه ما يصدر شئ إلا عنه إذا كان السيد راعي الغنم فما جار وما ظلم وما ينال منها إلا ما يقوته وقوته ما يفوته قوته آثار أسمائه في عباده وبها عمارة بلاده فحراثة وزراعة وتجارة وبضاعة لذلك وصف باليدين وأظهر في الكون النجدين فالواحدة بائعة والأخرى مبتاعة إلى قيام الساعة ولكل يد طريق هذا هو التحقيق فإن حكم المشتري ما هو حكم البائع وهذا ما لا شك فيه من غير مانع ولا منازع آئبون تائبون وهو التواب وإليه المآب ومن ذلك من حضر نظر من الباب 252 الحضور أين وما ثم سوى عين عين لا يحصرها ظرف ولا يسعها حرف نزل لها بذاتها عليها وما يخرج منها وينزل يعرج إليها وهذه عبارات تطلب الأينية وتثبت البينية وهذا هو بعينه اعتقاد الثنوية وأنت تقول الأمر واحد وقد كذبك الشاهد فالعروج والنزول يطلب الطريق وليس هذا في الإلهيات منهج التحقق وقد ورد فلا بد من معرفة ما قصد فإن القول الإلهي حق وكلامه صدق ولا بد من أذن واعية لهذه الداعية وما خاطب بها إلا الحاضر فهو الناظر فإن كان السامع غير القائل فلا بد أن يصيب ويخطئ وإن كان عين القائل فصوابه يسرع ولا يبطئ بل كلامه عين جوابه فهو المتكلم السامع في أحبابه ومن ذلك من فكر سكر من الباب 253 الفكرة سكرة إلا أن شرابها ممزوج وخلقها مخدوج وليس الخداج إلا من المزاج وهذا شراب الأبرار ومعاطاة الفجار عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا وتفجيرهم إياها عين المزاج لمن كان بما قلته خبيرا فلو جرت من غير تفجير من كونه على كل شئ قدير لكان شراب المقربين الآتي من تسنيم على البار المنعم بالتنعيم فبين المقرب والبار ما بين الأعين والآثار الآثار تدل والعين تشهد ولا نمل الباب قد فتح والواهب قد منح والأمر قد شرح فظهرت خفايا الأمور في شرح الصدور انشرحت معانيها وهي ما حصل الحق فيها فلاحت المخبآت عند رفع الكلل وهي ما ظهر في العالم من النحل في الاعتقادات والملل فانظر واستر ومن ذلك من نحا صحا من الباب 254 لا يزهد في فكرته إلا من صحا من سكرته ما كل شراب مسكر ولا كل قول منكر وما كل مزاج يشكر ولا كل سامع ينكر الإنكار من ضيق العطن فكن اللبيب الفطن وسع كل شئ علما وضع لكل نازلة حكما فإن الله كذا شرع فاتبع فقد أصاب من اتبع من تأسي بالحق أصاب على أنه مصاب حيث رآه غير أو اعتقد شرا وخيرا فتلى فرقانا لا قرآنا فمن قرأ استبرأ ومن تلا الفرقان فهو صاحب نظر في برهان فلا بد من الحيرة لأنه أثبت غيره ومن هنا اتصف من اتصف بالغيرة إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا يخاطب مؤمنا وإيمانا ما إيه إلا بالمؤمن والناس والمؤتين ما إيه بأصحاب العين انتهى السفر الرابع والثلاثون يتلوه الخامس والثلاثون ومن ذلك من جاء من فوق فهو صاحب ذوق من الباب 255 هو القاهر فوق عباده حكم عرشه في مهاده فلا يعرف علم الفوق إلا بالذوق وهو لمن أقام الكتب وميز الرتب وأما من أقامها وما ميز أعلامها أكل من تحت رجله مما تيقن أنه من رجله وهذا حال الورعين المطيعين يأكلون من كسب أيديهم ولهذا لا يكتسبون من العلم إلا ما سمعوه في ناديهم فيعلم بعضهم بعضا ويقرضون الله قرضا وهؤلاء أتباع الرسل وأصحاب السبل وأما الرسل فهم أصحاب الأطواق ولهم الأذواق فهم على بصيرة ومن اتبعهم مثلهم في دعواهم فهم على أحسن سيرة فهم في جنات ونهر أي في ستر وسعة لما عندهم من الدعة في مقعد صدق عند مليك مقتدر في حضرة منيعة لا يصل إليها
(٣٨٠)