وبديهي: أنه ليس معنى النسيان معناه الحقيقي أي ترك الشئ عن عدم التفات وتوجه فإن ذلك لا يمكن أن يعاقب عليه لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: [رفع عن أمتي الخطأ والنسيان..]، إلا إذا كان نسيان الصلوات في الصلاة مسببا عن تهاونه وعدم اهتمامه بها فإن النسيان يحصل من ذلك عادة ويكون حينئذ له عقوبته من الله على بعض أعماله الرذيلة فيحرم بذلك تلك الفضيلة. ويدل على هذا ما روي في الكافي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: [من ذكرت عنده فنسي أن يصلي علي خطأ الله به طريق الجنة].
يعني جعله الله مخطئا طريق الجنة غير مصيب إياه لعدم هدايته إلى ما ينفعه ويثاب عليه فليزم الإنسان المؤمن بالله واليوم الآخر وما جاء به النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم الاهتمام بهذا الأمر لئلا يقع منه النسيان لكثرة تناسيه فيحرم نفسه مثل هذه الفضيلة فيستحق أن يدعى عليه (فأبعده الله) وهي جملة دعائية وقعت خبرا أو خبرية أي كان بعيدا من رحمة الله حيث حرم من هذا الفضل وهي عبارة عن اللعن لأن اللعن معناه البعد عن رحمة الله فيما يستحق من وجه إليه اللعن، وهنا نرجع إلى ما قدمناه من أن ترك الصلاة أو البتراء توجب إيذاء النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم كما تشير إليه الآية التي بعد آية الصلوات بحكم السياق: {إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا} [الأحزاب: 07].
إنه من الصعب أن يتصور الإنسان أن المصلي يصبح بعض الأحيان عاصيا معاقبا لكن {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا: الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا * أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا} [الكهف: 105].