الزكاة عن المكلف، لا أنه تزكية، والنية المعتبرة فيه هي القصد إلى كونه مال الزكاة الذي يجب أن يخرجه ويضعه إلى أن يتمكن من الأداء ويؤديه، ثم يقال: إنه زكى ماله، وقبل حصول التمكن لم يزك، ولكن تسقط عنه الزكاة لو تلفت من دون تفريط.
نعم، تكفي نية الموكل حينئذ، بمعنى أنه لو لم يقصر بالتأخير وتلفت في يد الوكيل من دون تقصير تسقط عنه. وهذا أيضا ليس معناه أنه زكى ماله، بل إنه شئ آخر مسقط للزكاة.
وأما لو لم ينو الموكل ونوى الوكيل - ولا يمكن فرض ذلك إلا مع قصد الموكل الرياء أو غيره، وإلا فلا ينفك التوكيل عن القصد، والظاهر أن التوكيل في إعطاء ماله في الزكاة هو معنى النية كما صرح به بعض الأصحاب أيضا كما نقله الشيخ ابن مفلح - رحمه الله -، فحينئذ يقع الإشكال في الكفاية، وظاهر كثير من المتأخرين الاجزاء (1)، خلافا للشيخ (2) والمحقق (3) والعلامة في التذكرة (4).
ووجه الإشكال: من أن المكلف مأمور بالزكاة محضا لله تعالى، فالزكاة هي إيصال المال المعهود من ماله إلى المصرف، وهو قد يكون بالمباشرة، وقد يكون بالتسبيب والتوكيل، فيصدق على من وكل غيره في أداء زكاته بعد أداء الوكيل أنه زكى ماله وامتثل، فإذا كان ذلك امتثالا للأمر فيلزمه لزوم النية للموكل، ولا تكفي نية الوكيل، بل المعتبرة إنما هي نيته، والوكيل كالآلة.
ومن أن المكلف مكلف بالمباشرة.
ونعني بالمباشرة: ما يعم أمر عبده أو صبي أو مجنون أو غيرهم، بإعطائه في حضوره، ولو من غير علم منهم بأنه أي شئ، وهو غير التوكيل، إذ هو ظاهر الأوامر