المبحث الثالث (1).
وهما لا تقاومان ما ذكرناه من الأدلة، ويمكن حملهما على القرض، فيدفع إلى الفقير مثل الزكاة قرضا ويحتسبها من الزكاة إذا جاء وقت الوجوب إن بقت شرائطها، من بقاء المستحق على وصف الاستحقاق، وعدم انثلام النصاب قبل حؤول الحول.
ويدل على رجحان ذلك أخبار كثيرة، منها رواية عقبة بن خالد: أن عثمان بن عمران دخل على أبي عبد الله عليه السلام، إلى أن قال، قال: ويجئ الرجل فيسألني الشئ وليس هو إبان زكاتي، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: " القرض عندنا بثمانية عشر والصدقة بعشر، وماذا عليك إذا كنت موسرا كما تقول أعطيته، فإذا كان إبان زكاتك احتسبت بها من الزكاة " (2).
وتجوز الاستعادة منه مع بقائه على صفة الاستحقاق أيضا.
والحاصل: أن ذلك قرض تجوز استعادته، والزكاة واجبة عليه; له الخيرة في إعطائها من يريد.
وليس للمالك إلزامه بإعادة العين لو كانت باقية; لأن القرض يصير بالقبض ملكا للمقترض على الأصح، فيجوز للمقترض رد المثل أو القيمة.
ولو تعذرت استعادتها غرم المالك الزكاة، ولو تم النصاب بالعين المقروضة وكانت باقية عند المقترض حتى حال الحول، ولا تجب الزكاة لما ذكرنا.
ولا فرق في عدم جواز الاحتساب من الزكاة مع الغنى بين ما حصل الغنى من الخارج أو من منافع القرض.
وأما الغنى الحاصل بنفس القرض، بحيث لو أخذ منه صار فقيرا; فلا يمنع عن الاحتساب من الزكاة على الأصح; لصدق الفقير عليه عرفا، وعدم الفائدة في الأخذ