وكيف كان; فلو طلبها الإمام فيجب الدفع إليه إذا كان طلبه إلزاميا حتميا; لوجوب إطاعته.
ولو فرقها المالك والحال هذه ففي الاجزاء وعدمه قولان، ناظران إلى أن الأمر بالشئ يقتضي النهي عن ضده، ولا ريب أن عدم الدفع ضد المأمور به، وهو قد يتحقق في ضمن الدفع إلى الفقير.
وإلى أن المقصود وصولها إلى المستحق كالدين، وقد وصلت، وإن حصل الإثم.
وهذا النزاع، إنما يتمشى إذا لم يظهر من حال الإمام عليه السلام عدم الإعطاء بالغير، وإلا فيشكل الحكم بالصحة على القول بدلالة النهي على الفساد في العبادات كما هو الأصح، وإن لم نقل بدلالة الأمر بالشئ على النهي عن الضد الخاص، أو قلنا به بدلالة تبعية، وإن لم (1) نقل بدلالتها على الفساد حينئذ.
ويؤيد الصحة ما سيجئ من الاجماع على الصحة لو نقل الزكاة إلى بلد آخر مع وجود المستحق على القول بتحريمه.
وهذا النزاع لا فائدة فيه في زماننا، إلا أن نقول بجريان الحكم في الفقيه، وقلنا بوجوب إطاعته كالإمام إذا طلبها; كما هو مقتضى عمومات ما دل على نيابته عن الإمام، ولا يحضرني التصريح به في كلامهم.
وقالوا: إن المراد بالفقيه في هذا المقام وأمثاله هو الجامع لشرائط الفتوى، وقيدوه هنا بالمأمون، وفسروه بمن لا يتوصل إلى أخذ الحقوق مع غنائه عنها بالحيل الشرعية، فإن فيه انحطاطا عما نصبه الشارع له، وإضرارا بالمستحقين، ونقضا للحكمة الباعثة على تشريع الزكاة; وإن حلت له بذلك.
ثم إن ادعى المالك اخراج الزكاة يقبل قوله، ولا يكلف بينة ولا يمينا; لحمل قوله على الصحة، ولدلالة الأخبار عليه، مثل حسنة بريد بن معاوية الواردة في آداب