الرابع: قيل: يجب صرف الخمس بأجمعه في زمان الحضور إلى الإمام (1)، وقد يستشكل في إطلاق هذا الحكم، ولا فائدة لنا مهمة في تحقيقه.
وأما في زمان الغيبة، فقد اختلف فيه كلام الأصحاب اختلافا شديدا، قال المفيد - رحمه الله - في المقنعة: فمنهم من يسقط فرض اخراجه; لغيبة الإمام وما تقدم من الرخص فيه من الأخبار.
وبعضهم يوجب كنزه ويتأول خبرا ورد أن الأرض تظهر كنوزها عند ظهور القائم مهدي الأنام، وأنه عليه السلام إذا قام دله الله سبحانه على الكنوز، فيأخذها من كل مكان.
وبعضهم يرى صلة الذرية وفقراء الشيعة على طريق الاستحباب، وليس أدفع قرب هذا القول من الصواب.
وبعضهم يرى عزله لصاحب الأمر عليه السلام، فإن خشي إدراك المنية قبل ظهوره وصى به إلى من يثق به في عقله وديانته وتسليمه إلى الإمام عليه السلام إن أدرك قيامه، وإلا وصى به إلى من يقوم مقامه في الثقة والديانة، ثم على هذا الشرط إلى أن يظهر إمام الزمان عليه السلام.
وهذا القول عندي أوضح من جميع ما تقدم; لأن الخمس حق وجب لغائب لم يرسم فيه قبل غيبته رسما يجب الانتهاء إليه، فوجب حفظه عليه إلى وقت إيابه، أو التمكن من إيصاله إليه، أو وجود من انتقل بالحق إليه، وجرى أيضا مجرى الزكاة التي يعدم عند حلولها مستحقا فلا يجب عند عدمه سقوطها، ولا يحل التصرف فيها على حسب التصرف في الأملاك، ويجب حفظها بالنفس والوصية بها إلى من يقوم بإيصالها إلى مستحقها من أهل الزكاة من الأصناف.
وإن ذهب ذاهب إلى منع ما وصفناه في شطر الخمس الذي هو خالص للإمام عليه السلام،