وقال في المدارك: واجتزأ العلامة ومن تأخر عنه بنية الوكيل حال التسليم إلى الفقير، وهو غير بعيد (1).
أقول: قد عرفت كلامه في التذكرة. نعم ذهب في المختلف إلى كفاية نية الوكيل عند الدفع وإن لم ينو المالك; استنادا إلى أنها عبادة تقبل النيابة (2).
أقول: قد ظهر لك مما حققناه وجه هذه الأقوال، وأن الأظهر عدم كفاية نية الوكيل، إذا لم ينو المالك أصلا، وكفاية نية المالك إذا استمر حكمها إلى حين الدفع إلى المصرف ولم يطرأ شئ ينافيها، ولا ينفعها لحوق نية الوكيل حين الدفع إذا لم يستمر حكمها، ولا بد أن لا تعرضها مبطلات الوكالة، كموت الموكل أو جنونه أيضا; هذا كله فيما لو عين المال وأفرزه ووكله في الدفع ظاهر.
وأما لو وكله في الافراز والدفع، بل في الحساب والإفراز والدفع كلها أيضا، فالظاهر أن ذلك أيضا يكفي في نية المالك، فكأن المالك يقصد بينه وبين الله إعطاء ما يجب عليه في هذا البيدر أو في هذه الصرة من باب الزكاة، ويوكل الوكيل في اخراجه وإيصاله إلى المستحق.
ومما ذكرنا اتضح لك: أن النيابة هنا إنما هي في الإخراج والإيصال، ونية الوكيل هي القصد إلى ما أراده الموكل، وهو دفع المال المعهود لأجل الامتثال، فلا دليل على وجوب قصد الامتثال والتقرب للوكيل.
نعم، يستحب له ذلك، لأجل أن ذلك وساطة في الخير، وحصول الثواب فيه موقوف على قصد التقرب بتلك الوساطة، فالاعتماد في قصد التقرب في الزكاة على فعل الموكل لا غير.
ويؤيده عدم وجوب قصد التقرب على الإمام والساعي أيضا.
نعم، يجب على الوكيل التعيين حال الدفع، كما كان يجب على المالك، وأن يقصد