فلو فرض أن يكون الإخراج من دون النية - كما لو قصد به الرياء - ولكن أخلص النية عند الدفع فيصح. وكون المال مال المخرج من مقوماته، فإخراج الإمام والساعي والوكيل والوصي والولي كلها إما من باب النيابة، أو من باب الاضطرار، أو حكم على حدة.
ثم إن الإيصال هو تحصيل الوصول إلى من يجب الإيصال إليه، ولا توظيف في كيفيته، فيمكن حصوله، ولو بأن يأخذ طفل أو مجنون من ماله بمقدار الزكاة ويعطي المستحق لاعن قصد، ونوى المالك الزكاة حين الوصول إلى يده قربة إلى الله، فالأصل اعتبار قصد المالك ونيته حين الوصول كيف ما كان.
وقد عرفت مرارا أن حقيقة النية هي الداعي إلى الفعل، ولا يجب الإخطار، فالمقارنة اللازمة في النية - هنا وفي جميع العبادات - عبارة عن استمرار الداعي وعدم نية الخلاف مع بقاء الداعي في مخزن الخيال.
فعلى هذا فلو قال المالك لعبده أو غيره: أخرج هذا القدر من البيدر وأعط فلانا، وأراد بذلك في قصده الزكاة التي أوجبها الله عليه، فهذه هي النية، فما لم تحصل له ندامة حتى وصلت إلى يد المستحق، فيصدق حصول النية ومقارنتها مع الوصول إلى المستحق، وبعد الوصول إليه يصدق أن المالك أوصل القدر المعهود من المال إلى المستحق امتثالا لأمر الله تعالى.
نعم، تظهر الثمرة لو ارتد المالك قبل الوصول إلى المستحق، أو غفل ونسي ما فعله بحيث لو سئل عن ذك أنكره وقال: لا يجب علي شئ، وقال: لا تعطوه وردوا المال إلي فحينئذ لو أعطاه الواسطة المستحق فلا يجزي. هذا حال المباشرة.
وأما لو وكل أحدا في الإخراج فكلام الأصحاب في تحقيق النية هنا غير محرر.
وقد عرفت أن هذا الفعل مما يقبل النيابة عندهم، ولكن في معنى النيابة في الزكاة إشكالا; لأن الزكاة هي اخراج المقدار المعين من المال إلى مصرفه تقربا إلى الله، وامتثالا لأمره.
والقصد إلى ذلك من النائب - مع أنه ليس من ماله، وليس ذلك امتثالا للأمر