يتعلق وجوب الزكاة بالغلات بعد بدو الصلاح فيما ملكه قبل بدو الصلاح.
والمراد بتعلق وجوب الزكاة بالغلات بعد بدو الصلاح: أن المالك مخاطب باخراج الزكاة بوجوب موسع لا يحصل الضمان بسبب تأخيره لأجل الحصاد والتصفية، بخلاف ما بعد التصفية; فإنه يضمن لو أخره بلا عذر، والوجوب لا يجوز تعلقه بغير المتمكن عقلا وشرعا، والمفروض أن الوجوب حينئذ مطلق لا مشروط، وتوسعته لا تنافي عدم جواز التكليف به حال عدم القدرة.
إلا أن يقال: إن الأوامر وإن لم تشمله; لكن يشمله ما دل عليه من باب الوضع، كما أشرنا سابقا، ولا مقيد لهما، فتمسك حينئذ بما مر من الأدلة، وهي مخصصة لما دل عليه من باب الوضع أيضا.
ثم قال: وإنما تسقط الزكاة في المغصوب ونحوه إذا لم يمكن تخليصه ولو ببعضه، فتجب فيما زاد على الفداء (1).
أقول: الظاهر أن المرجع في التمكن من التصرفات هو العرف، فلا يضر التمكن العقلي بأن يتحمل شيئا من المقدمات لتحصيل التمكن.
والظاهر: أن المال المغصوب المرجو زوال يد الغاصب عنه بأجمعه يصدق عليه في العرف أنه غير متمكن منه، وإن أمكن التخليص بفداء بعضه منه.
وكذلك في المال الغائب الذي يصعب الوصول إليه، وإن أمكن بتحمل مشقة كثيرة، ومنها صرف بعضه، سيما قدرا معتدا به في تخليصه.
والحاصل أن المعيار هو حصول التمكن بالفعل، لا إمكان التمكن من التمكن.
ولعله نظر إلى إطلاق ما رواه في الموثق، عن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال:
في رجل ماله عنه غائب فلا يقدر على أخذه، قال: " فلا زكاة عليه حتى يخرج، فإذا خرج زكاه لعام واحد، وإن كان يدعه متعمدا وهو يقدر على أخذه فعليه الزكاة لكل