ولو جهل بالحال، فعن الأكثر الجواز; حملا لفعل المسلم على الصحة، وقال الشيخ: لا يجوز (1); لتتمة رواية أبي محمد السابقة (2)، ولظاهر رواية التفسير.
والتحقيق: أن الصرف في المعصية مانع; لأن الصرف في الطاعة شرط، وملاحظة عموم الآية والأخبار وخصوص بعضها أيضا يقتضي ذلك، وهذه العمومات والإطلاقات وبعض الخصوصات، مع اعتضادها بالأصل ونفي العسر والحرج وأصالة صحة فعل المسلم وعمل الأكثر لا تعارض بها رواية ضعيفة.
ثم إنهم اشترطوا في الغارمين العجز عن الأداء; لأن الزكاة إنما شرعت لسد الخلة ورفع الحاجة، ولو تمكن من البعض يعطى ما لا يتمكن منها.
والظاهر أن اشتراط العجز عنه في الجملة مما لا إشكال فيه، ويستفاد ذلك من تتبع الأخبار الواردة في هذا الباب، ومنها رواية عبد الرحمن العرزمي، عن الصادق عليه السلام أن الحسنين عليهما السلام قالا: " إن الصدقة لا تحل إلا في دين موجع، أو غرم مفظع، أو فقر مدقع " (3).
لكن الإشكال في أنه إذا كان له المال بقدر مؤونة سنته أو بعض السنة، فهل يجب عليه الوفاء منه ثم أخذ الزكاة لأجل فقره، أو يجوز أداء دينه أولا من الزكاة وصرف مال نفسه في مؤونة عياله؟.
ويظهر من ابن إدريس: وجوب الأداء من ماله ثم أخذ الزكاة; لأنه حينئذ غني، والزكاة لا تجوز للغني (4).
واختار العلامة في جملة من كتبه العدم; لانتفاء الحكمة في أن يدفع ماله ثم يأخذ الزكاة (5)، وظاهره أنه يعطى من سهم الغارمين حينئذ.