قال: ومن ثم احتمل الشهيد في البيان اسقاط مؤونة السقي لأجل نصف العشر، واعتبار ما عداها (1).
ولا شهادة فيه لما ذكره، فإنه لم يظهر من الروايات أن ذلك من جهة اعتبار مؤونة السقي وكثرتها، وإلا فقد تكون سائر المؤن فيما سقت الأنهار أكثر، سيما فيما يستقي من القنوات والأنهار العظيمة البعيدة المحتاجة إلى التقنية (2) والحفر.
ومع الإغماض عن أن ذلك تعبد، ولا تبلغ العقول إلى غالب أحكام الشرع، أنه يمكن أن يكون السر في ذلك قلة الغلة الحاصلة من أمثال هذه الأدوات، واحتياج أصحابها إلى الغلة لأجل القوت، سيما فيما يصعب التحصيل من الخارج، إرفاقا عليهم.
وينبغي التنبيه لأمور:
الأول: إنه على القول باخراج المؤن هل يعتبر اخراج المؤن بعد النصاب، فيزكى ما بقي من النصاب وإن قل، أو تخرج المؤن وسطا ثم يعتبر النصاب، أو تخرج المؤن الحاصلة قبل تعلق الوجوب ثم يعتبر النصاب، فتخرج منه المؤن اللاحقة، ثم يزكي ما بقي؟ أقوال، أحوطها الأول، وأظهرها - بالنظر إلى الأصل ومقتضى تعلق الزكاة بالنماء والفائدة - الثاني، وهو ظاهر الأكثر.
ووجه الثالث: عدم تعلق الزكاة بالمؤن السابقة بالفرض، وأن زكاة المؤونة تصرف في مؤونة الزكاة في اللاحقة، فكأن الزكاة تعلقت بمجموع ما عدا المؤن السابقة.
الثاني: ظاهر أكثر الأصحاب وصريح الفاضلين في المنتهى والتحرير والمعتبر أن الخراج يخرج وسطا ثم يعتبر النصاب (3)، وجعله الشهيد الثاني - رحمه الله - من المؤن المتعلقة بعد تعلق الوجوب، فيعتبر النصاب قبله، فتجب الزكاة بعد اخراجه وإن بقي