منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ١٢٢
حكما أو حقيقة بأخبار التخيير الدالة على حجية أحد المتعارضين كأخبار الترجيح من غير فرق بينهما).
وبعبارة أخرى: مورد الامر بالتوقف هو صورة فقد الحجة وعدم الطريق إلى الواقع، ومفاد أخبار التخيير إثبات الحجة، فيرتفع به موضوع الامر بالتوقف.
وإن أريد به المكاتبة، فالجواب منع دلالتها على التوقف المطلق، لظهور قوله عليه السلام: (وما لم تعلموا فردوه إلينا) في الرد إلى الامام الموجود في زمان وصول الخبرين المتعارضين إلى السائل، فيرجع إليه لرفع الشبهة. وهذا غير الرد إلى الله ورسوله الوارد في بعض الاخبار، فإن المقصود منه التوقف عن رد الخبرين وطرحهما و إيكال البيان إلى الرسول والامام عليهما السلام.
نعم يمكن تقريب دلالة المقبولة على وجوب التوقف حتى في عصر الغيبة بما سيأتي، لكنه خلاف استظهار الميرزا (قده) من اختصاصها بزمان الحضور.
وحيث اتضح قصور الاخبار عن الدلالة على وجوب التوقف مطلقا فلا سبيل للجمع الذي حققه (قدس سره).
وأما ثانيا: فلانه بناء على دلالة خبر الحارث بن المغيرة على التخيير في زمن الحضور خاصة يقع التعارض بالتباين بينه وبين مقبولة عمر بن حنظلة، وبعد تساقطهما ينتهي الامر إلى مطلقات الوقوف و التخيير، لسلامتها عن المقيد، فيقع بينهما التعارض بالتباين. و لازمه التساقط والرجوع إلى الأصل العملي.
وما أفاده في التقرير من (عدم أهمية حكم التعارض في عصر الحضور وعدم إحراز العمل بأخبار التخيير فيه) ممنوع، فإنه وإن لم يهمنا تعيين وظيفة المكلفين في عصر الحضور، إلا أن الكلام في مفاد المقبولة وخبر الحارث، وهما متعارضان بالتباين في تعيين الوظيفة بالنسبة إلى المكلفين المعاصرين للأئمة عليهم السلام، ولازم تعارضهما تساقطهما. وأما عدم إحراز العمل بأخبار التخيير في زمان الحضور فهو خلاف ظاهر بعض أخباره في أن السؤال عن حكم التعارض كان من جهة ابتلاء السائل بالتردد في الحكم الواقعي لأجل تعارض الخبرين كما يستفاد من خبر الحسن بن الجهم وغيره، و لازمه اعتماد السائل على التوسعة في الاخذ بأي منهما.
مضافا إلى: أن عدم العمل بأخبار التخيير لا يشهد بالاعراض عنها، إذ لعله كان من جهة تفاضل الخبرين في المزايا وعدم تكافئهما من جميع الجهات.
والحاصل: أنه بعد تعارض المقيدين وتساقطهما لا يبقى إلا إطلاق الوقوف والتخيير، ولا مجال