منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٧٧
حجية الخبر تقتضي تصديق زرارة فيما أخبر به، فيثبت مدلوله المطابقي وهو صدور الحكم بالوجوب، ولازم وجوبه عدم كراهته، و ليس صدور الحكم بالوجوب من الإمام عليه السلام مستلزما لنفي الكراهة ما لم يثبت نفس المضمون أعني الوجوب، والمفروض عدم ثبوت المؤدى، لسقوطه بالتعارض.
والحاصل: أن الاخبار عن اللازم كالاخبار عن الملزوم أمر قصدي منوط بالالتفات إليه حتى يصح إسناد اللازم إلى المخبر كإسناد الملزوم إليه، وحيث إنه لم يثبت نفس الاخبار عن الملزوم فلا إخبار عن اللازم أيضا.
وأخرى: بأنه لو سلمت دلالة الاخبار عن الملزوم على الاخبار عن اللازم بالالتفات إليه ولو إجمالا فبمنع حجيته، لكونه دلالة عقلية، و الموضوع لدليل اعتبار الظواهر هو الدلالة اللفظية.
وثالثة: بأنه لو سلمت حجية الدلالة الالتزامية فبمنع حجيتها في المقام بعد فرض عدم حجية الدلالة المطابقية. والقول برفع اليد عن خصوص حجية الدلالة المطابقية في حال التعارض لا عن أصل الدلالة، لان التبعية تكون في الوجود دون الحجية ممنوع، لان الدلالة الالتزامية إما أن تكون بنفسها مشمولة لدليل الاعتبار في قبال حجية الدليل في المدلول المطابقي بلا تبعية في البين، فتخرج حينئذ عن الدلالة الالتزامية، وهو خلف، وإما أن تكون حجيتها ناشئة عن حجية الدلالة المطابقية ولازمة لحجيتها، فما لم يثبت حجية المطابقية لم يثبت حجية الالتزامية، والمفروض سقوط الخبرين عن الحجية في الدلالة المطابقية، فاللازم سقوطهما في الالتزامية أيضا، لان سقوط الأصل مستلزم لسقوط الفرع.
أقول: ما أفاده (قدس الله نفسه الزكية) من الوجهين الأولين لا يخلو من غموض. أما إنكار أصل الدلالة الالتزامية في بعض موارد الاخبارات والحكايات فلا كلام فيه. وأما إنكاره في موارد الاخبار بالأحكام الشرعية فممنوع، فإن إخبار مثل زرارة بصدور الحكم بوجوب الدعاء عند رؤية الهلال إخبار عن انتفاء سائر الأحكام التكليفية عن الدعاء عندها قطعا، إذ مع وضوح تضاد الاحكام بأنفسها أو بالنسبة إلى ما يترتب عليها في مرحلة الامتثال فالاخبار بواحد منها يستلزم انتفاء غيرها عن صفحة التشريع، لتحقق كل من القصد و الالتفات بالنسبة إليها كتحقق الالتفات الاجمالي في الاخبار عن طلوع الشمس بالنسبة إلى وجود النهار.
نعم قد لا يلتفت المخبر إلى لازمه كلامه تفصيلا. لكن الظهار كفاية الالتفات الاجمالي الارتكازي في باب الحكايات والأقارير، ولذا يؤخذ المقر بلازم كلامه إذا كان مما يلتفت إليه نوعا وان ادعى المقر غفلته عنه.