منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٨ - الصفحة ٢٦
التي التزم بها الماتن، والحيثية التقييدية التي قال بها المشهور كما سبق بيانه في التوضيح.
ولا وجه لحمل هذه الكلمة على خصوص إرادة الحيثية التقييدية و الواسطة في العروض مع التئامها مع كل من الحيثيتين، خصوصا بعد تصريح الشيخ - على حسب حكاية تلميذه الثقة المحقق الآشتياني (قده) - بكون التعارض وصفا للأدلة لا للمداليل. فلو سلمت قرينية كلمة (باعتبار مدلولهما) في كلام الشيخ الأعظم على إرادة الوساطة في العروض اتجه ذلك بالنسبة إلى كلمة التنافي والمنافاة وشبههما، فان تنافي المدلولين وتمانعهما بالذات يسري إلى الدالين والحاكيين، فيكون تنافي الكاشفين بالعرض، وهذا لا ربط له بمادة التعارض الذي لا يوصف به المدلولان أصلا، إذ ليس المتصف بالتعارض إلا نفس الأدلة كالخبرين المتصفين بالتعارض في الاخبار العلاجية.
فتحصل من أول البحث إلى هنا: أن للتعارض تحديدين أحدهما للمشهور، والاخر للشيخ والمصنف ومن تبعهما.
وأما عدول المصنف عن تعريف المشهور لاخراج موارد الجمع العرفي، فأورد عليه أولا: بعدم التنافي بين المدلولين في تلك الموارد كما حكي عن المحقق النائيني (قده). أو في خصوص الورود و الحكومة، فإنهما خارجان عن التعارض موضوعا، وسائر موارد الجمع العرفي خارجة عنه حكما كما ذهب إليه المحقق العراقي. وعليه فلو كان التعارض بمعنى تنافي المدلولين لم ينتقض بموارد الجمع العرفي حتى يقتضي ذلك تفسيره بتنافي الدليلين أو التنافي في مقام الدلالة، فالمراد بتنافي المدلولين تمانعهما في الصدق، وهذا هو التعارض المستقر، لا مطلق التنافي حتى البدوي الزائل بإعمال النظر العرفي.
وثانيا: بما أفاده شيخنا المحقق العراقي (قده) من أن تعريف المصنف وإن أخرج موارد الجمع العرفي عن موضوع التعارض، لكن لا وجه لاخراج أحكام الجمع وتمييز موارده عن مقاصد الباب، لمحض عدم إعمال المرجحات السندية أو التخيير في مواردها، ليكون التكلم في أحكام الجمع وما يتعلق به في هذا البحث لمحض الاستطراد.
لكن لا محذور في الاستطراد، إذ لا بد من تمييز موارد الجمع العرفي عن غيرها، والبحث عن موجبات قوة الظهور، وحيث لم يبحث عنها في موضع آخر فلا مناص من تنقيحها في هذا المقصد.