فيه على ما هو التحقيق انه ان قلنا بان مقتضى دليل الحجية هو حجية خصوص ما لم يعلم كذبه فالكلام فيه هو الكلام بناء على الطريقية واما ما علم كذبه فلا يدل على حجيته كما هو كذلك، فان المتيقن من دليل الاعتبار اي بناء العقلاء هو ظاهر الآيات والاخبار. واما ان قلنا بشموله لما علم كذبه اجمالا مثل المتعارضين فلما كان مقتضى السببية على هذا الفرض في كل من المتعارضين موجودا فلا يخلو حينئذ اما أن يكون كل واحد منهما مؤديا إلى التكليف، مثل ما إذا دل أحدهما على وجوب شئ والآخر على حرمته، واما أن يكون أحدهما مؤديا إلى التكليف اي الحكم الالزامي كالوجوب والحرمة، والآخر إلى حكم غير الزامي كالإباحة والاستحباب والكراهة فإن كان من قبيل الأول يكون من باب التزاحم، وحكمه التخييران لم يكن في البين أهمية أو احتمالها، وإلا فلا بد من الاخذ بالأهم أو محتمل الأهمية، وان كان من قبيل الثاني فلا تزاحم في البين لعدم صلاحية التزاحم بين ما لا اقتضاء فيه وما فيه الاقتضاء، وحكمه الاخذ بما دل على الحكم الالزامي لان دليل غير الالزامي لا يقتضي نفي الالزامي، اللهم الا ان يقال ان دليل غير الالزامي يدل على أنه كان عن علة واقتضاء فلا محالة يقع التزاحم بين المقتضيين، والحكم فيه هو الاخذ بما دل على غير الالزامي، لعدم تمامية علة الالزامي، ضرورة وجود الشك في وصول العلة بمرتبة تقتضي الالزام، وهذا كاف في الحكم بعدم الالزام. * * *
(٤٧٣)