كلمة كلمة كيف لم ينبه على ذلك؟ بل غاية ما ذكره هنا أن قال والجزء الأخير يدل على اعتبار مجاوزة النصف في الجملة. انتهى. وأراد بالجزء الأخير آخر العبارة التي ذكرناها وهي كما ترى تدل على الاعتبار ببلوغ النصف لا بمجاوزته حيث إنه (عليه السلام) قال " إن ذكرتها من قبل أن تقرأ نصف سورة فارجع وإن لم تذكر إلا بعد ما قرأت النصف فامض " وهو صريح في أن المدار في جواز الرجوع وعدمه على بلوغ النصف وعدمه فإن بلغه مضى في صلاته وإلا رجع. والصدوق الذي قد نسب إليه القول ببلوغ النصف إنما استفيد ذلك من عبارته في الفقيه بهذه العبارة وإن جعلها في الظهر خاصة ورتب عليها وجوب السورة في الظهر حيث قال: " إن نسيتهما - يعني سورة الجمعة والمنافقين - أو واحدة منهما في صلاة الظهر وقرأت غيرهما ثم ذكرت فارجع إلى سورة الجمعة والمنافقين ما لم تقرأ نصف السورة فإن قرأت نصف السورة فتمم السورة واجعلها ركعتين نافلة وسلم فيهما وأعد صلاتك " ومرجع العبارتين إلى معنى واحد وهو الاعتبار ببلوغ النصف وعدمه.
وأما عبارة كتاب دعائم الاسلام فهي صريحة في القول الثاني حيث رتب جواز الرجوع على عدم الدخول في النصف الآخر من السورة التي قرأها فلو دخل فيه مضى وهذا معنى ما عبروا به من تجاوز النصف.
بقي الكلام في الاعتماد على الكتابين المذكورين، أما كتاب الفقه فقد تقدم الكلام فيه غير مرة وأنه باعتماد الصدوقين عليه وافتائهما بعباراته لا يقصر عن غيره من كتب الأخبار، وقد نبهنا في غير موضع على أن كثيرا من الأحكام التي ذكرها المتقدمون ولم يصل دليلها إلى المتأخرين فاعترضوا عليهم بعدم وجود الدليل قد وجدنا أدلتها في هذا الكتاب، وهذا منها فإن عبارة الصدوق هنا كما ترى موافقة لعبارة الكتاب وإن كان إنما رتبها على الظهر خاصة بناء على مذهبه من وجوب السورتين فيها. وأما كتاب دعائم الاسلام فأخباره صالحة للتأييد البتة والغرض هنا التنبيه على ما وصل إلينا من أخبار المسألة. والعجب هنا أيضا من شيخنا المجلسي مع تصديه لنقل أخبار الكتاب المذكور