والبحث فيها وبيانها وايضاحها أغمض النظر عن هذه العبارة ولم يتكلم فيها ولو بالإشارة وظاهره - كما عرفت من كلامه المنقول آنفا - الجمود على ما ذكره جملة ممن قدمنا نقل ذلك عنه وعنهم من عدم وجود نص على شئ من ذينك القولين.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن ما دلت عليه عبارة كتاب الفقه وكذا عبارة الصدوق معارض بما دلت عليه الرواية السابعة من حكمه (عليه السلام) بأن من أراد قراءة سورة فقرأ غيرها فإنه يجوز له الرجوع إلى التي أرادها أولا وإن قرأ نصف السورة التي شرع فيها وكذا الرواية العاشرة والرواية الرابعة، وفي هذه الرواية رد أيضا للقول بتجاوز النصف فإن ما قبل الثلثين كما يشمل بلوغ النصف يشمل بلوغ ما زاد على النصف إلى أن يبلغ الثلثين. ويدل على جواز الرجوع مطلقا في غير ما استثنى اطلاق الرواية الأولى والثانية والثالثة، واطلاق هذه الأخبار مع تصريح تلك الأخبار الأخر كما عرفت مما يدفع رواية كتاب الفقه، وبذلك يظهر ضعف العمل عليها والاستناد في الحكم المذكور إليها.
وبالجملة فإني لا أعرف دليلا معتمدا لهذين القولين بل الأخبار كما ترى ظاهرة في خلافه رأي العين، والشيخ (قدس سره) لما حكى كلام الشيخ المفيد بالتحديد بمجاوزة النصف لم يذكر له دليلا إلا الرواية الثامنة، ومن الظاهر أنها لا دلالة فيها على شئ من التحديدين بالكلية وإنما غاية ما تدل عليه صحة الصلاة عند العدول بعد النصف في حال النسيان وهو مع كونه مخصوصا بالنسيان لا يقتضي عدم جواز العدول بعد مجاوزة النصف إلا بمفهوم اللقب وهو مما لا حجة فيه عند محققي الأصوليين.
واحتمل الشهيد في الذكرى ارجاع قول الشيخ بمجاوزة النصف إلى القول ببلوغ النصف ليطابق كلام الأكثر، قال - بعد نقل جملة من العبارات الدالة على بلوغ النصف - ما لفظه: فتبين أن الأكثر اعتبروا النصف والشيخ اعتبر مجاوزة النصف ولعل مراده بلوغ النصف. انتهى.
وفيه (أولا) أن ما ذكره جيد بالنسبة إلى ما ادعاه من أن الأكثر على القول ببلوغ