النصف والمخالف إنما هو الشيخ خاصة أو مع الشيخ المفيد، أما على تقدير ما قدمنا نقله عن جملة من الأصحاب من أن المشهور إنما هو مذهب الشيخ فلا وجه له. و (ثانيا) أنه أي فائدة في ارجاع مذهب الشيخ إلى قول الأكثر بناء على كلامه والحال أنه لا دليل عليه في المقام كما اعترف به في صدر كلامه. و (ثالثا) أن الشيخ كما عرفت قد أورد الرواية الثامنة دليلا على ما ادعاه وهي صريحة في العدول مع بلوغ النصف، وهل ما ذكره (قدس سره) إلا صلح مع عدم تراضي الخصمين؟
والعلامة في النهاية قد وجه كلام الشيخين ومن تبعهما بالبناء على تحريم القران، قال: وكما لا يجوز القران بين سورتين فكذا لا يجوز بين السورة ومعظم الأخرى.
ولا يخفى ما فيه.
وشيخنا الشهيد الثاني في الروض لما اختار التحديد ببلوغ النصف استدل عليه وفاقا للمحقق الشيخ على بقوله تعالى " ولا تبطلوا أعمالكم " (1) فإن الانتقال من سورة إلى أخرى ابطال للعمل.
وفيه منع ظاهر فإن الانتقال المذكور من حيث هو انتقال ليس ابطالا للعمل وإلا لصدق على الانتقال قبل بلوغ النصف بل الظاهر من ابطال العمل إنما هو اسقاطه عن درجة الانتفاع به وعدم ترتب الثواب عليه بالمرة بأن يكون فعله كلا فعل، وعلى هذا لا يتم الاستدلال بالآية إلا إذا ثبت أن الانتقال عن السورة يوجب ارتفاع ثوابها بالكلية وهو غير واضح بل المعلوم خلافه. ويعضد ما ذكرناه أن بعض المفسرين حمل الابطال على ابطال الأعمال بالكفر والنفاق وعلى هذا يدل سياق الآية، وبعض على الابطال بالرياء والسمعة، وبعض على الابطال بالمعاصي والكبائر، وهذه الوجوه الثلاثة ذكرها في مجمع البيان. وبالجملة فالقول المذكور بمحل من البعد والقصور. ثم إنه لو سلم دلالتها على ما ادعاه لوجب تخصيصها بالنصوص المتقدمة الدالة عموما وخصوصا على الرجوع بعد بلوغ النصف